• 30 آب 2023
  • حارات مقدسية

 

 

 

بقلم : الشيخ الباحث مازن اهرام 

 

في القدس قرآن يُتلى في القدس قرآن منظور كما في الصحف القرآن المسطور

 يا عابراً في القدس حجارة مدينة القدس تنطق الآذان وتقرع الأجراس 

وتصمت الغزاة تنطق الحجارة في القدس وتكشف عمن صقلها وبناها ولمن لا يعلم أن حجارة القدس قديمةٌ قِدم الإنسان من فجر التاريخ نطقت العربية 

يا عابراً في القدس ففي كل حجر رُسمت مساجد وزوايا وتكايا ومآذن ترفع الصلوات وعُبْاد تلهج بالدعاء وهُذبت أقواس وعقود وأقبيه وقباب وقناطر وتيجان في القدس أعمدةُ الرُّخامِ الداكناتُ كأنَّ تعريقَ الرُّخامِ دخانْ ونوافذٌ تعلو المساجدَ والكنائس، أَمْسَكَتْ بيدِ الصُباحِ تُرِيهِ كيفَ النقشُ بالألوانِ. وقصص وحكايات وخلف نوافذها الموشحة بستائرها عاش أهلها أتراحهم وأفراحهم رجالها أنجاد وحرائرهن ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ

هي الأرض والعرض والدار       هي القدس فيها الجنة والنار

هي الضفائر مقاود صهائلنا         منبت الرجولة سهول وأغوار

ارفع يديك فيها الرجس وشم        سلاحي حجابي خنجر بتار

حرائر القدس حزمت الحجاب      بأظافرها ترد الضيم فلا تجار

لا تحاول لا تجادل هي ارضي     هي الإسراء والمعراج والجار

نحن الشهداء أحياء ولو قتلنا       ريحنا المسك والكافور والغار

أيها العابر 

حجارتها أَشَدُّ قَسْوَةً ۚ وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ 

أيها العابر تعلم العربية لتدرك أخوات كان فأخوات كان هي: 

أصبحت القدس عربية، أضحت القدس لأهلها’ ’ أمست القدس حرة 

ظلت القدس عفيفة، باتت القدس بوابة السماء، صار الحقُّ واضحًا 

ليست القدس للغرباء’ ما برِحتْ الرّهبةُ من صدور المجاهدين، ما انفك الفرج قادما، ما زَالَ العدّاءُ راكضاً، ما فتئ أهلها مرابطون ما دام القادمُ بيد الله فنحن بخير دائماً والله 

أيها العابر جمالية اللغة العربية في مفرداتها ومرادفاتها البديعة، تضم أربعة عشر مليون كلمة كعدد أهل فلسطين أو يزيد فما زالت النساء تنجب الأبطال

أيها العابر إلى مدينتنا في القدس كسفينة المستكشف تظل حائراً على وجهك هائما لم تدري الدار ومن سكنها ومن ارتحل لكن ذكراها في القلب والضمير ومفتاح البيت معقود بجدلة منسوجة من ثوب مقدسي تشابكت ألوانه الخضراء والحمراء 

على قارعة الطريق شيخ يجلس على مصطبة بيته الحجرية يترقرق الدمع في عينيه رُسمت على مُحياه تجاعيد الزمان والحسرة الصامتة وكأن ناصيته تتكلم متفرساً في وجوه المارين به كالزوارق اللاهية بالصخرة الحزينة يراودني شعور أن أُبدل بؤسه وحيرته بابتسامة لعلني أجد هناك إرادة الحياة والشيخ عاجز لا حيلة له بدا أنه ضعيف لا قوة ولا حول فيه يحيا بقية اليوم على قدر استعداده للعمل والحياة لكني أبصرت الشيخ عندما بادرته كَجُلمودِ صَخرٍ حَطَّهُ السَيلُ مِن عَلِ  بدأ الشيخ ينسابُ رويدًا رويدًا بكلماته تتدفق بين ثناياه وقد بانت أسنانه كعقد اللؤلؤ ولكنه كان يشعر بالقلق والحزن كلّما فكّر، وهو ينظر كم أخشى ألا أصل إلى حديثه الممزوج فهو راسخ كالجبال الراسيات بل كالبحر بين موجاته المتتالية رسائل متناغمة ذكريات وأزمنة، يصفو الذهن، وتتشبّع الروح برائحة الحياة تطرب الأذن لسماع موسيقا الموجة الهادئة وتنتعش العين لرؤية عيناه كامواج وجمال البحر نظر في هدوء واطمئنان دون شكوى ولم يتعجَّل مُحْتَسِبٌ لِلأُمُورِ مُقَدِّرٌ لِعَوَاقِبِهَا أردف قائلاً حديث (يا أبا ذر! أحكم السفينة فإنّ البحر عميق واستكثر الزاد فإنّ السفر طويل، وخفف ظهرك فإنّ العقبة كؤود، وأخلص العمل فإنّ الناقد بصير) ستبقى القدس خالدة مهما تلاطمتها الأمواج 

أيها العابر 

إنكم ستجدون أجنادا" فإنها صفوة الله من بلاده فيها خيرة الله من عباده فمن رغب عن ذلك فليلحق بنجده فإن الله تكفل لي بالشام وأهله 

المراجع

الشاعر خالد سويد

الشاعر تميم البرغوتي

الحديث رواه الديلمي في الفردوس وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر الغفاري

إصدارات هيئة أشراف بيت المقدس