• 19 تشرين أول 2017
  • أقلام مقدسية

 

بقلم : وليد سالم

 

توجهت صباح الْيَوْمَ الأربعاء ١٨ تشرين أول اكتوبر  في الساعة السادسة والربع صباحا إلى مكتب الداخلية الكائن في حي واد الجوز، على أمل أن أتمكن من الدخول مبكرا.

لدى وصولي فرحت لأنه لم يكن أمامي سوى شخصين: رجل وزوجته. 

وقفت في الدور أقلب  المواقع الإخبارية الالكترونية حتى الساعة السابعة والنصف عندما بدأ الحراس بإدخال المنتظرين عبر البوابة الحديدية ليصطفوا في طابور آخر لكي  يتم تفتيشهم الواحد بعد الاخر. 

قبل أن يبدأ التفتيش قال الحارس: الْيَوْمَ هو فقط لمن عندهم مواعيد مرتبة عبر الهاتف، وليغادر كل من ليس عنده موعد، ولكم أن تعودوا الساعة الواحدة ظهرا، فلربما يتاح لكم الدخول.

وحيث انني لم يكن لدي موعد، بل قدمت من أجل تعديل موعد حدد بالاتصال الهاتفي في شهر آذار القادم لإبني الذي يدرس في الخارج، فقد رفض الحراس دخولي، وهكذا فقد اضطررت للمغادرة، والعودة الساعة الواحدة.

عدت في ذلك الوقت لأجد طوابير طويلة تنتظر. وقفنا في الشمس الحارقة ما يزيد عن نصف ساعة، تلاها الدخول من البوابة الحديدية من أجل الالتحاق بطابور  التفتيش الذي أخذ وقتا أيضا، وبعد الانتهاء منه، انتقلنا الى طابور جديد مستحدث لم يكن موجودا قبل شهور، وهو طابور الانتظار من اجل الحصول على رقم. استمر الانتظار هنا ما يزيد عن نصف ساعة أيضا، وعندما وصلت الى محطة الحصول على الرقم، قلت لهم: أعطيتم هاتفيا موعدا لإبني في آذار القادم فيما تنتهي الليسيه باسيه التي يحملها في مطلع شهر كانون ثاني، وفِي ذات الفترة لديه عطلة بين فصلين دراسيين سيأتي خلالها لكي يجدد الليسيه باسيه، ويعود للسفر لكي يلتحق بالفصل الثاني لهذا العام الدراسي، وعليه أرجوكم تقديم الموعد المحدد له هاتفيا من آذار إلى وقت اقرب، وذلك لكي لا يضيع عليه الفصل الدراسي القادم.

جلست إلى جانب موظف إعطاء الأرقام سيدة بدا انها مسؤولة في المكتب، حيث ردت قائلة: الأفضل لإبنك أن لا يأتي، وأن يقدم طلب تجديد الليسيه باسيه للسفارة الإسرائيلية في البلد الذي يدرس فيه ، هم سيرسلون لنا الطلب من هناك ، وسيحصل بالتالي على ليسيه باسيه جديده وهو هناك. أردت أن أرد بأنني اريد ان يأتي ابني ليزورني والعائلة بين الفصلين الدراسيين، لذلك أفضل ان يعطوه موعدا هنا. ولما هممت أن أقول ذلك كانت السيدة قد انتقلت للحديث مع شخص آخر بعدي في ظل الضغط والازدحام والتدافع الشديد القائم، ثم انتقلت لشخص آخر فآخر وهكذا حتى ضاع حقي في الاستفسار عن كل ما هو بذهني. 

ربما سأضطر بالتالي إلى العودة مرة أخرى إلى مكتب الداخلية من أجل استكمال استفساراتي مما سيضيع علي وقتا آخر.

قفلت راجعا للبيت، متذكرًا ما قالته لي إحدى منظمات حقوق الانسان قبل أسبوعين بأنهم قدموا شكوى ضد إجراءات الداخلية الجديدة وأن الوضع تحسن بعدها. الْيَوْمَ وجدت ان العكس تماما قد حصل: فأنت الْيَوْمَ مضطر أولا  ان تتصل قبل ستة أشهر حتى تحصل على موعد مناسب. وثانيا انت مضطر ان تتصل على رقم واحد محدد لا غير تحتاج إلى ساعات طويلة حتى يرد عليك. وأنك ثالثا محروم من حق تحديد موعد عبر التوجه إلى مكتب الداخلية، حيث سيقال لك: مسموح ان تحدد الموعد فقط عبر الهاتف. ورابعا: أنك محروم من حق تعديل الموعد لأي سبب حتى لو خسرت سفرا مهما، أو فصلا دراسيا في الخارج وغير ذلك . وخامسا: أنك مضطر للإنتظار  ساعات وساعات حتى تقدم لك الخدمة/ أو لا تقدم كما حصل معي الْيَوْمَ.

نخسر كمقدسيين أوقاتا  ثمينة من حياتنا جراء هكذا إجراءات، وهي التي تزداد تعقيدا يوما بعد يوم. فإلى متى؟. ومتى يمكن فهم ان حقوق المقدسيين هي أيضا حقوق إنسان وليست أقل من ذلك؟.