• 10 تموز 2018
  • أقلام مقدسية

 

 

بقلم : جاك يوسف خزمو

 

اسرائيل مستاءة جداً من موقف الاتحاد الاوروبي تجاه اجراءاتها ومخططاتها في منطقة الخان الأحمر، ومن اعتراض الدول الاوروبية على سياسة هدم مواقع اقامة أبناء فلسطين البدو في المنطقة، ويتمثل هذا الاستياء في اصدار تصريحات لكبار المسؤولين الاسرائيليين مناوئة للدول الاوروبية، ومعارضة لما تقدمه من مساعدات مالية لتنفيذ مشاريع في تلك المنطقة، وخاصة مشروع اقامة مدرسة هدمتها اسرائيل بحجة أنها لم تحصل على ترخيص من الاحتلال!

 

ورغم أن الموقف الاوروبي هو "تعاطفي" و"معنوي"، إلا أن أبناء الشعب الفلسطيني يشكرون اوروبا على هذا الموقف لأنه يتماشى مع القوانين والمواثيق والقرارات الشرعية. ويجب ألا ننسى أن دولاً اوروبية تمنع استيراد بضائع مُصنعة في مستوطنات مقامة على أراضي الضفة منذ عدة سنوات، وهذا اجراء مرحب به، وأثار غضب اسرائيل مما أدى الى نقل مصانع من المستوطنات الى داخل اسرائيل، أو أجبر بعض المصانع على الادعاء بأن منتوجاتها صنعت في اسرائيل، وليس في مستوطنات الضفة.

 

مقابل هذا الموقف الاوروبي الجيد تجاه الخان الأحمر بشكل خاص، والمعارض لسياسة الاستيطان الاسرائيلية بشكل عام، فان دولاً عربية عديدة لم تفعل شيئاً للدفاع عن نضال شعبنا الفلسطيني سواء أكان في الضفة الغربية أو في قطاع غزة، بل بالعكس هناك تعاون مع اسرائيل في ميادين عدة، وخاصة الأمنية، بحجة وذريعة مواجهة تعاظم النفوذ الايراني في المنطقة ووضع حد له. وهذا الموقف العربي المؤلم والمؤسف والمحزن يذكّرنا بأن حالة التضامن أو التعاضد قد ولّت. وبأن قادة دول عربية لم يوقعوا على اتفاق سلام، منحوا اسرائيل الأمن والأمان للبطش بأبناء شعبنا الفلسطيني، وشطبوا من قاموسهم بأن القضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولى، وجنحوا الى معاداة دولة قوية في المنطقة، وهي عضو في منظمة التعاون الاسلامي ألا وهي ايران.

 

هذا الموقف يعكس مدى ضعف القيادات الرسمية لعالمنا العربي، وكذلك مدى التخاذل تجاه القضية الفلسطينية.

لقد كان القادة العرب قبل عشرات السنين مختلفين فيما بينهم حول قضايا عديدة، ولكن القضية الفلسطينية كانت تجمعهم إذ كان لهم موقف واحد تجاهها، وكانوا من مؤسسي ومناصري المقاطعة العربية للشركات والمؤسسات العالمية التي تتعاون مع اسرائيل. وكانت لهم مواقف جيدة وقوية لن تنسى تجاه شعبنا الفلسطيني.

لا نطلب من قادة الدول العربية أن تشن "حرباً" على اسرائيل، ولا أن تنوب عنا في الدفاع عن قضايانا، ولكن ما نطلبه احترام مشاعرنا بعد أن يحترموا ويطبقوا وينفذوا قراراتهم في القمم العربية، وان يلتزموا بمبادرة هم طرحوها واقروها والتي لا تسمح بأي تطبيع مع اسرائيل إلا بعد الانسحاب الاسرائيلي الكامل من الأراضي التي احتلت في حزيران 1967. وان يدعموا قرارات الشرعية الدولية، وألا ينجروا وراء تحريض ضد دولة زميلة لهم في منظمة التعاون الاسلامي، وان يكون لهم موقف حاسم وواضح تجاه سياسة التوسع والاستيطان الاسرائيلية. 

لقد كشفت قضية الخان الأحمر عن بعض "العورات" العربية، وازالت الأقنعة المزيفة عن وجوه قادة عرب، والتساؤل هل سيتواصل هذا التخاذل العربي تجاه شعبنا، وهل ستتواصل سياسة التطبيع المجاني مع اسرائيل!

 

*الناشر ورئيس التحرير/ مجلة البيادر