• 6 كانون الثاني 2019
  • أقلام مقدسية

 

بقلم: المحامي زياد أبو زياد

منذ الإعلان عن فتح باب الترشيح لانتخابات الغرفة التجارية في القدس من 3 – 9/1 والنقاش دائر حول هذا الموضوع وخاصة كيفية تعامل السلطة الفلسطينية من خلال وزارة الإقتصاد مع هذا الحدث. والذي يتابع هذا النقاش يلاحظ الإهتمام الكبير الذي يوليه التجار ورجال الأعمال لهذا الموضوع والقلق الذي يساور الكثيرين منهم نتيجة بعض ما يُشاع حول شروط الترشح ومدى تدخل السلطة في ذلك والمخاوف من محاولة وضع قيود تسفر عن انتقاء الأعضاء لاعتبارات شخصية.

ومع أن من الصعب التحقق من صحة كل ما يُشاع عن دور الوزارة والقيود التي يمكن أن تضعها لهدف التحديد المسبق لمن سيفوز إلا أن من الضروي وضع بعض الأمور أمام الوزارة وأمام كل مسؤول يهمه أمر القدس وازدهارها الإقتصادي في إطار سياسي وطني.

وبداية لا بد من التذكير بأن سلطات الاحتلال أقدمت منذ 10- 8 – 2001 على إغلاق الغرفة التجارية في القدس مع أربعة عشر مؤسسة وطنية في المدينة وعلى رأسها بيت الشرق باعتبارها مؤسسات وطنية فلسطينية ، وذلك في إطار الهجمة الشرسة التي تشنها السلطات الإسرائيلية ضد الهوية الفلسطينية للقدس ومحاولة طمسها وتغيير طابع وصورة المدينة سياسيا وتجاريا وثقافيا واجتماعيا. وقد اضطرت الغرفة منذ ذلك الحين للعمل من مكاتب بديلة خارج الحدود التي وضعتها سلطات الاحتلال لبلدية القدس. ومع أن هذه المكاتب تعمل اليوم من مناطق تابعة للسلطة الفلسطينية إلا أن أحدا ً لا يحق له أن ينسى خصوصية عملها وأهميتها السياسية والوطنية في تثبيت الهوية المقدسية حتى لو كانت تعمل من المنفى الإجباري الذي فرض عليها. ولا يجوز أن يكون لجوؤها لمناطق السلطة رغما ً عنها سببا ً في تجاهل خصوصيتها وحساسية عملها والشريحة التي تقف من ورائها داخل حدود القدس وهي شريحة التجار على اختلاف أصنافهم وقدراتهم الذين يقفون في خندق الدفاع عن عروبة القدس وصمودها ضد محاولات الطمس والتذويب.

ونحن إذ نبارك ونحيي القرار بإجراء انتخابات للغرفة التجارية فإننا نأمل بأن تجري الإنتخابات بحرية ونزاهة وشفافية وأن تسفر عن مجلس يمثل كل شرائح التجار آنفة الذكر.

ولا بد هنا من أن ننوه الى أن القدس بواقعها الجغرافي السياسي

(الجيوبوليتيك) مقسمة الى ثلاث شرائح أساسية يجب أن تؤخذ عدالة توزيع المقاعد بينها في الحسبان. والشريحة الأولى هي المحلات التجارية داخل البلدة القديمة. وهذه المحلات تعاني من قلة الدخل نتيجة الإغلاق والحصار وتدني نسبة الوافدين الى داخل أسوار البلدة القديمة من جهة وتعاني من جهة ثانية من الضرائب المجحفة المفروضة عليها سواء الأرنونة أو ضريبة الدخل التي تُفرض بشكل عشوائي مجحف والغرامات مما أدى الى إغلاق العشرات وربما المئات منها وتوقفها عن العمل وعدد المحلات المغلقة في تزايد مضطرد وسط إشاعات بأن بعض المحلات المغلقة قد تم تسريبها للجهات الإسرائيلية.

ويقينا أن المحلات الموجودة داخل البلدة القديمة هي الأكثر حساسية وأهمية ولا بد من إيلائها الإهتمام الخاص سواء من حيث حمايتها من التسرب بتقديم الدعم لها أو إعطائها الفرصة التامة لإيصال صوتها للمسؤولين على اختلاف مراتبهم.

ولذا فإن تمثيل التجار داخل البلدة القديمة في أي مجلس جديد منتخب للغرفة التجارية يجب أن يكون قادرا ً على إيصال صوتهم لمن يريد أن يسمع وأن يمكنهم من تلقي ما يحتاجون من دعم أو اهتمام.

والشريحة الثانية وهي شريحة التجار خارج أسوار البلدة القديمة ولكن ضمن حدود البلدية التي رسمها الإحتلال. وهؤلاء التجار هم أوفر حظا ً من زملائهم داخل البلدة القديمة ولكنهم هم أيضا مستهدفون من قبل سلطات الإحتلال بالضرائب والغرامات وبشكل يثقل على عاتقهم ويرهقهم علما ً بأن وضعهم التجاري ليس أفضل بكثير من وضع التجار داخل البلدة القديمة. ولهذه الشريحة أيضا معاناتها وهمومها وهي أيضا ً جديرة بأن تُعطى الفرصة لتعبر عن نفسها وتُسمع صوتها للمسؤولين الفلسطينيين.

وأما الشريحة الثالثة فهي الشريحة التي تعمل في أجزاء القدس التي ظلت خارج الحدود البلدية التي فرضها الإحتلال. وهذه الشريحة هي جزء لا يتجزأ من القدس لأننا نرفض التعريف الذي وضعه الإحتلال للقدس ، وهي تعمل تحت ولاية قوانين السلطة الفلسطينية رغم أن لها هي الأخرى نصيب لا يستهان به من مشاكل القدس لأن العديد من هؤلاء التجار هم مقدسيون يخضعون في حياتهم اليومية لممارسات الإحتلال وغراماته وضرائبه بحكم أنهم من حملة الهوية المقدسية وكثير منهم يقيم في القدس أو له عنوان في القدس.

وإذ نحن على أبواب انتخابات الغرفة التجارية فإننا نأمل أولا ً وقبل كل شيء أن يُدرك المسؤولون في السلطة وعلى رأسهم وزارة الإقتصاد أن للقدس خصوصية تختلف عن أية مدينة أخرى في مناطق السلطة. فالعديد من التجار وخاصة صغار التجار في البلدة القديمة للقدس مسجلون كأعضاء في الغرفة التجارية ولكنهم غير مسجلين في وزارة الإقتصاد الفلسطينية ولا يجوز بأي حال من الأحوال مطالبتهم بالتسجيل في الوازرة الفلسطينية لأن بعضهم لا يستطيع عمل ذلك لأسباب مادية أو يخشى على هويته أو إقامته إن فعل ذلك وعلى الوزارة أن تراعي هذا الأمر وأن لا تكون سببا ً في وضع العراقيل أمام تمثيل هؤلاء في الغرفة التجارية.

والى جانب كل ذلك ، يا حبذا لو تم الإتفاق على آلية تضمن تمثيلا ً مناسبا للشرائح الثلاث آنفة الذكر بحيث يكون ربع أعضاء مجلس الغرفة التجارية مخصص للتجار من داخل أسوار البلدة القديمة والنصف للتجار من خارج الأسوار ولكن داخل حدود البلدية والربع الباقي للتجار أعضاء الغرفة التجارية العاملين في أجزاء القدس خارج حدود البلدية.

للقدس وضع خاص وحساس ودقيق يتطاب التعامل بشكل مبدع وخلاق يُفضي الى تقديم الدعم وتثبيت صمود المقدسيين أنى كانوا لأنهم هم القابضين على الجمر في هذا الزمن الصعب. ولا شك بأننا بحاجة الى انتخابات تتم بشفافية ونزاهة كاملة تضمن الحصول على ثقة الجميع ودعم الجميع والتزام الجميع بنتائجها لقناعته بنزاهتها.

عن القدس