• 10 آذار 2019
  • أقلام مقدسية

 

بقلم : رشيد حسن


يخوض شعبنا العظيم، شعب الجبارين هذه الايام، أشرف المعارك.. وأقدس المعارك.. واخلد المعارك.. واعظمها شأننا في التاريخ...معركة الحفاظ على الاقصى المبارك، أولى القبلتين، وثاني المسجدين، وثالث الحرمين الشريفين.
معركة الاقصى.. ليس مثلها معركة في التاريخ، لا من قريب ولا بعيد، فهي تجسد الصراع بين الخير والشر، تجسد الصراع بين الرواية العربية، والرواية الصهيونية.. الكاذبة.. الملفقة، وتجسد الجرأة في الشجاعة وحمل الامانة، والتصدي للقوة الصهيونية الغاشمة المدججة بالدعم الاميركي اللامحدود واللاخلاقي، ومدججة بالنفاق الاوروبي، وجبن الضمير العالمي، وبالتردي العربي في اسْوأ حالاته، بعد ان سكنت مفاصله ثارات «داحس والغبراء»..
معركة الاقصى المبارك.. في كل الحالات هي معركة وجود وليس معركة حدود..
 ففلسطين هي وطن الشعب العربي الفلسطيني حصرا.. غير قابلة للقسمة على اثنين..
وفلسطين كانت ومنذ الكنعانيين واليبوسيين، الذين بنوا مدينة القدس الخالدة..
..وطن حر..لا يقبل ان يدنس ثراه الغزاة، ولا يقبل ان يطأ هذا الثرى الدخلاء.
ومن هنا..
لفظتهم ارضها الطيبة المقاتلة، كما يلفظ البحر الجثث النتنة المتعفة ، وكان مصيرهم جميعا الى زوال.. الرومان والهكسوس واليونانيين والصليبيين..الخ، ولن يكون مصير الصهاينة بافضل، فهم عابرون كاسلافهم.. الى مزبلة التاريخ.
معركة الاقصى.. هي المعركة الانبل التي يخوضها شعبنا، بين كل معاركه التي لا تحصى، وعلى مدار ستة الاف عام ويزيد.
فهو يخوض هذه المعركة، بدون سلاح، بصدور عارية الا من الايمان، ولا يملك الا سلاح الحجارة، حجارة فلسطين المقدسة، فهي حجارة من سجيل.. في حين العدو مدجج باحدث الاسلحة، وبترسانة نووية..
ورغم كل ذلك لم ترهب شعب الجبارين، هذه القوة الباغية، التي امتهنت المجازر والمذابح وقتل الاطفال وحرق البيوت على راس ساكنيها..
فها هو يتصدى لهذه القوة المجنونة، ويهزمها بالمقلاع والطائرة الورقية وبالسكاكين، وقبل ذلك وبعده، يهزمها بالارادة الصلبة، ويدمي وجهها النازي القبيح، ويسقط القناع الخادع المخادع عن وجهها الفاشي الملطخ باصباغ الديمقراطية، ليظهر على حقيقته، فاذا به نسخة طبق الاصل عن النازية والفاشية المجرمة..
معركة اقصى الانبياء.. معركة دامية.. صراع بين ارادتين :
ارادة حرة لا تفرط بحقها، ولا تتنازل هن ارضها، جبلت على تقديم التضحيات الجسام، والدم المهراق، لتطهير هذه الارض المباركة، من نجاسة اليهود، وهذا ما تشهد عليه شوارع وازقة وحارات القدس، وساحات الاقصى المبارك، وما يشهد عليه كل شبر في فلسطين..
وارادة باغية، خارجة من قمقم الخرافات والاساطير المظلمة، زورت التاريخ، وها هي تدمر الجغرافيا، لتلوي اعناق الحقائق، وتدخلها في بيت الطاعة الصهيوني.
وبلغة الارقام فلقد قدم الشعب الفلسطيني، ومنذ ان نزل الجراد الصهيوني ارضه الطاهرة، اكثر من نصف مليون شهيد، ومليون مصاب، وبذلك فهو اكثر شعب في العالم قدم الشهداء قياسا على عدد السكان.
كما يعتبر نضال هذا الشعب ومقاومته هي الاطول بين كافة الشعوب، التي ابتليت بويلات الاستعمار، فلقد مضى على نضاله المستمر اكثر من «100» عام وعام، منذ وعد بلفور المشؤوم»1917» والى اليوم..
لم يتعب... ولم يمل.. لم يتراجع... ولم يعتذر...
بل زادته التضحيات الجسام اصرارا على المضي قدما في درب الشهادة، ودرب الشهداء.. الذين اصبحوا مكونا رئيسا من مكونات الشعب الفلسطيني، ومصدرا لفخره وكبريائه، وعنوانا لتوقه للعزة والحياة الكريمة
يجود بالنفس اذا ضن البخيل بها...... والجود بالنفس اغلى غاية الجود.
معركة المرابطين في الاقصى.. اصبحت مثالا لاعتماد الشعبي الفلسطيني على نفسه، وعدم انتظار المدد والعون من الاشقاء، بعد ان تبخر الامل الجميل، وتحول الى مجرد كلام انشائي جامد.. ميت لا حياة فيه.
لقد ايقن شعب الجبارين ومن واقع تجاربه المرة، ان الارض يحميها اهلها، ويدافع عها المنغرسين في ترابها... المزروعين في سهولها، وجبالها...كشجر الزيتون والبرتقال والعنب والتين.. وانه لشرف عظيم لهذا الشعب الذي رضع حليب العزة والكرامة، ان يكون طليعة الامة، وكتيبتها المتقدمة، ورمحها الطويل في الدفاع عن مقدساتها وحرماتها وفي صد رياح الجنون الصهيونية.
باختصار..
لم يعد اهلنا المرابطون يرددون.. يا وحدنا..يا وحدنا..
بل اصبحوا يرددون صامدون.. صامدون..
ما دام الزعتر والزيتون.
 صامدون كجبال القدس ونابلس والجليل..
صامدون حتى يزول الليل الصهيوني..
وينبلج الفجر الفلسطيني الجميل.
وهو آتٍ لا محالة.
طال الزمن أم قصر..

 

 عن الدستور