• 14 تموز 2019
  • أقلام مقدسية

 

بقلم : لميس اندوني

 

بداية، يجب التوضيح أن تعبير المتصهين يعني الشخص الذي يقبل الرواية الصهيونية لاستعمار فلسطين، أو يدعو إلى قبول نتائجها أمرا واقعا من دون مقاومة، أو حتى رفض لفظي، ويجد أن المواجهة الفكرية أو القتالية أو السياسية مع الصهيونية "تعرقل" عملية التحاق العالم العربي بركب الحضارة والتمدّن والازدهار الاقتصادي، وكأن رفض الفلسطيني الاحتلال جريمة بحق الحضارة الإنسانية.

المعنى الفعلي لرسالة المتصهينين هي أن الفلسطيني وقضيته أصبحا عبئاً على الدول العربية، وكأن إسرائيل دولة مسالمة، بل وصديقة وحليفة، تضع في أولوياتها تقدّم العالم العربي، لكنها لا تستطيع القيام بمهمتها الإنسانية نتيجة مقاومة الفلسطينيين، أو عنفهم أو حتى إرهابهم، فلا فرق لديهم بين المفاهيم. 
ظاهرة المتصهين العربي الذي يرحب بالتطبيع، بل ويهاجم مناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني، باعتبار ذلك مؤشّراً على "رفض الآخر"، و"رفض التنوع الثقافي"، ودليلاً على تخلف همجي، فالمطلوب فك ارتباط المجتمع العربي بالقضية الفلسطينية شرطا للتنوير والانفتاح على الثقافات والعالم.
ليس الكلام هنا عن حكومات، أو حتى عن عملاء للمخابرات الإسرائيلية (الموساد)، فالحكومات لا تتحكم في قرارها، نتيجة التبعية السياسية والاقتصادية للولايات المتحدة، ونستطيع مواجهتها مباشرة، والعميل لا يبرّر عمالته فكراً وأخلاقاً، بل عن كتّاب و"مثقفين" وأصوات تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تتسابق على شتم الفلسطيني، وعن مقالات منمقة لغوياً وفكرياً، تقوم بتصوير الاستسلام عملاً "تقدّمياً" وحضاريا للخروج من الأزمات الاقتصادية الاجتماعية في دول الطوق العربي. 
بعيداً عن الشتائم الموجهة للفلسطينيين، الأخطر هي المقولات "الفكرية" و"التقدمية" شكلاً، والتي توفر غطاء للإهانات اللفظية، وتساهم في تشويه الوعي، بفصلها المتعمد بين قضايا التنمية والعدالة الاجتماعية وفكرة المساواة والتنوع الديني وبين القضايا الوطنية التحرّرية، فدعوة فنانين وعلماء إلى مقاطعة إسرائيل تقدّم من هؤلاء دليلا لرفض الفن والعلم، بدعوى ضرورة فصلهما عن السياسة. 
المشكلة في هذه المقولات والحجج أن إسرائيل نفسها لا تؤمن بهذا الفصل؛ فكل معرض أو

 العربي الجديد