• 25 حزيران 2020
  • أقلام مقدسية

 

بقلم القاضي المقدسي  :فواز ابراهيم نزار عطية

 

لا بد من التذكير بأنه عندما استلم العثمانيون الحكم في القدس من المماليك عام 1517 ميلادي بقيادة السلطان سليم الاول، استمر حكمهم لفلسطين والبلاد العربية نحو 400عام، إذ تركوا فيها بصماتهم الواضحة والخاصة وآثارهم التي حفظت لهم تاريخهم المشرق في المدن العربية بشكل عام وفي القدس وفلسطين بشكل خاص.

المعالم والمشاهد التي خلّفها العثمانيون في القدس كثيرة لا تعد ولا تحصى، ولا تزال ماثلة للعيان ، فسور القدس الحالي اعظم معلم  فيها، والقلعة الواقعة في منطقة باب الخليل أبرز الحصون على الاطلاق، حيث يحيط بالبلدة القديمة من ضمن مساحتها الاجمالية البالغة حوالي 1 كم²،  جدران بنيت بأمر من السلطان العثماني سليمان الاول  خلال عامي 1535 - 1538 ميلادي، عندما كانت  القدس  جزء من  العلية.

طول جدرانها هو 4018 مترا ، ويبلغ متوسط ارتفاعها 12 مترا، ويبلغ متوسط سمكها 2.5 مترا، وتحتوي الجدران على 34 برج مراقبة و8 بوابات  ، ومن ضمن معالم القدس الجدار الحجري المحيط بتربتي باب الرحمة واليوسفية باتجاه الشرق لسور القدس العظيم بطول 1.5 كيلو كتر تقريبا المحاذي للشارع الرئيس ما بين مفرق واد الجوز وصولا لمفرق بداية حارة سلوان الواقعة حنوبي المسجد الاقصى المبارك.

في عام 1981مت إضافة أسوار القدس والجدران المحيطة بها بالإضافة إلىالبلدة القديمة من القدس لى قائمة مواقع التراث العالمي لمنظمة اليونسكو ضمن الاسم الرسمي "مدينة القدس القديمة وأسوارها"

كما عزز العثمانيون أسوار القدس وحصنوها تحسبا لأي غزو من الفرنجة، وكان للسلطان سليمان القانوني أثره البالغ في تطوير المدينة  على جميع الأصعدة اضافة الى إعمارها وتحصينها وتزويدها بالماء وبناء التكايا.

شيد العثمانيون في نهاية حقبتهم برج الساعة فوق باب الخليل بجوار القلعة على بناء مربع بلغ ارتفاعه 13 مترا، واستغرق بناؤه سبع سنوات وتم الانتهاء منه في ذكرى اليوبيل الفضي لاعتلاء السلطان عبد الحميد الثاني عرش الخلافة ، حيث كان يمثل تحفة معمارية تستقبل القادمين إلى المدينة من جهة يافا والخليل، وكان يشمل البرج  على  أربع ساعات يراها السكان من مختلف الجهات.

وبعد سقوط فلسطين تحت الحكم البريطاني في 30/12/1917، أصدرت جمعية محبي القدس اليهوديه قرارا بإزالة برج الساعة عام 1922، وقام الجنرال ألمبي بالانصياع لأوامر تلك الجمعية، وتم نقلها إلى مكان  اخر في المديمة لكنه كان بشع لدرجة اضطرت في سلطة الانتداب الى ازالتها بالكامل ، ليختفي معلم خر من معالم القدس البارزة .

في هذا المقام لا بد من التذكير أن أول بلدية في القدس تأسست عام 1863ميلادي، وهي الاولى في فلسطين أيضا، وتعد بلدية القدس من أوائل البلديات في الدولة العثمانية ولعلها الثانية بعد بلدية العاصمة استابنول او كما كانت تعرف في حينه ( الاستانة) ، لذلك تناست سلطة الاحتلال الاسرائيلي التي اشتركت بذات الاهداف لسلطة الاحتلال البريطاني عام 1917 منها سرقة وإزالة آثار البلد المُحتل، وهذا النهج يرتبط بالتفكير السطحي الذي تمتاز به السلطة المحتلة، دون ان تأخذ بعين الاعتبار أن المحاولة في ازالة الاثر أو سرقته لا يمكن أن يكون ذو فاعلية، مادام أهل القدس متواجدون مرابطون صامدون في مدينتهم،

 ومن هنا فانه لا تشكل أزالة شاخصة رخامية وضعت على جدار التربة "المقبرة" اليوسفية ( والتي تم ترميمها من بدعم من تركيا وبواسطة مؤسسة تيكا التركية )  سببا لينسى اهل القدس الآثار العثمانية فيها، كما لا يمكن اعتبار إزلة تلك الشاخصة من قبلل عمال بلدية القدس وبحماية من قوة الدرك التي تدار من السلطة المحتلة، سببا لينسى أهل القدس أن الدعم السخي من الحكومة التركية للقدس واهلها وحرصها على تعزيز ثبات أهل القدس، يشكل مدخلا للسلطة المحتلة بأن ننسى تاريخنا.

ان إزالة الشاخصة  الرخامية تشكل آخر المعارك الوهمية لدولة الاحتلال، بحيث اظهرت جبروت قوته على شاخصة رخامية هزيمة نكراء على ارض الواقع، لأن اعادة احياء بلدية القدس العربية المنشأة في العام 1863 ميلادي من قبل من أوجدها، هو التحدي الحقيقي لسلطة تحارب الحجر قبل البشر.