• 6 تشرين الثاني 2020
  • هموم

 

هموم

 

 

بقلم : ماهر العلمي

 

يحكى ان الصدق التقى الكذب صدفة، ورافقه في الطريق، وقال الكذب: الطقس .. جميل وربيعي اليوم، وفعلا ، كان كذلك، ثم مرا ببحيرة، فقال الكذب : المياه باردة ، تسر السابحين، فخلع الصدق ملابسه، والتحق بالكذب في البحيرة ... ثم باغت الكذب، رفيقه الصدق،. وخرج من البحيرة وسرق ملابسه تاركا إياه عاريا، وخجل الصدق من مطاردته لاستعادة ملابسه ، واختفى الصدق العاري، ليسرح ويمرح ويهيمن ويلهو ويلعب ويعبث الكذب كما يحلو له. ( المقدمة منقولة)

... وبات الكذب يسود كل مكان وزمان، وأصبح وسيلة ومفتاحا للثراء بالحرام والباطل والاحتيال، وانتشر بسرعة انتشار عواصف الصحراء ... واخطر  أنواع الكذب ، يمارسه من يفرضون أنفسهم على الشعوب العربية ويدعون  انهم زعماء ، رغم افتقارهم لمواصفات القيادة الرشيدة ، وسفههم، جيء بهم حراسا على مصالح الغر ب ،وخدما لآسيادهم البريطانيين ، ومن بعدهم للاميركيين !..

يكذبون حتى اضاعوا فلسطين، ومنذ بدء المؤامرةً يكذبون، وهم متورطون، يكذبون بوعودهم بإعادة الوطن للفلسطينيين.

يكذبون على شعوبهم المقموعة بإطلاق الحريات، بينما ينشطون في انشاء معسكرات الاعتقال والسجون.. ويكذبون بانهم يعملون لصالح شعوبهم ،بينما ينهبون ثروات البلاد ويفقرون العباد، ويشترون بغباء منقطع النظير كل ما هو ثمين بالبلايين، ورعاياهم البؤساء يسكنون في بيوت قصديرية وكرتونية.

يكذبون بادعاء حرصهم على الدين والأخلاق ، وهم في الانحلال والرذيلة غارقون، وعلى الفاحشة يشجعون والراقصات يستوردون وللنهي عن المنكر والأمر بالمعروف منكرون، وفي البارات يسكرون، وفي الملاهي الليلية يعربدون، وفي اوكار القماًر يبددون الملايين وكأنها  ملاليم.

يكذبون، فيدعون بانهم لحرية الرأي  حافظون، وعلى حرية التعبير يحرصون.. ويمضون في اعتقال الصحفيين وعلماء ،الدين في السجون ، وبالمشانق يهددون...!

... يكذبون ، فيدعون بانهم محسنون لشعب فلسطين الصامد في ما تبقى من وطنه، وما يتلقاه منهم، مجرد فتات ولو اخرجوا زكاة اموالهم وثرواتهم وفق الشرع الحنيف، لأغنوا عمال فلسطين، عن بناء المستوطنات، والعمل في مزارع ومصانع المحتلين.

كذبوا ويكذبون عندما أنشأوا الأمم المتحدة لحماية حقوق الانسان و، وحقه في وطن امن، فكانت شاهدا على نكبة فلسطين، وتشريد أهلها الآمنين ، فأقامت وكالة الغوث لتخدير اصحاب الوطن السليب، وشرعنت اغتصابه، وصادقت على بدء اكبر نكبة للفلسطينيين...!

.. وتواصلت مسيرة الكذب، فصدرت عشرات القرارات الأممية العبثية التي لم تعد سنتمترا واحداً او فلسطينيا مشردا الى فلسطين ...!

... كذبوا ثم صدقوا كذبتهم عندما اًوهموا شعبهم ان اتفاق أوسلو سيقيم لنا دولة، فكان اكبر من نكبة ثمانية واربعين، وعبره استفحل وتصاعد الاستيطان ، وقضم الارض. وقبضنا حفنة هواء ، مقابل تنازلنا عن فلسطين ثمانية واربعين وسبعة وستين، وفرح المتنازلون بقصاصة ورق تتضمن اعترافهم بمنظمة التحرير ...! ووضعوا حجر الأساس لما يسمى صفقة القرن ، التي اعلنها نقيب الزعماء المجانين..!!

يكذب مهرج القرن ويضحك   صاحب الملايين، ترمب،  على  سكان العالم اجمعين، عندما يقوم بدور البلطجي العالمي، ويطلب خاوة  الأجرة  من اصحاب العروش المهتزة، لحمايتهم من ثورة الغيورين على الوطن والدين...!

يكذب هذا الكذاب الأشر ، عندما يدعي انه يعمل لمصلحة الاميركيين، بينما يفقد اميركا هيبتها وكرامتها ، بفوضيته وجهله .. وينسف معالم الديمقراطية والقيم والأخلاق وكل ما هو جميل..!

يكذب الانقلابيون العسكريون عندما يدعون انهم يعدون لحكم المدنيين، في حين ينوون مواصلة قمع الحالمين...!

يكذب أولو الأمر منا ، فيقولون عاجزون عن توفير العيش الكريم لملايين المحرومين، لتضيع ملياراتهم المنهوبة في بنوك السويسريين..!

. ويكذب مؤسسو الشركات المساهمة على المساهمين الساذجين ، الطامعين بربح وفير يسير ، وتهيمن حفنة من الحيتان فتوزع بالقطارة على المخدوعين ، ويلتهم لحم الكتف المهيمنون ثم يعدون كذبا ان التوزيع القادم سيكون افضلً بكثير ...!

يكذب المرشحون في الانتخابات، ويخدعون الناخبين بتحويل البلاد الى نعيم، وبعد فوزهم لا تتحسن اوضاع المحرومين المخدوعين ...!   

وها هم الكذابون الاشرون، يكذبون ، فيزعمون انهم يعملون لصالح الفلسطينيين، عندما يتحالفون مع مغتصبي فلسطين، و(يشرعنون) سلب فلسطين ..!!  

فمتى يسترد الصدق العاري ملابسه ،ليسود الصدق والصادقون ..؟! .