• 16 آيار 2023
  • مقدسيات

 

  القدس - أخبار البلد - كتب خليل العسلي :  يجب أن نتقدم بالشكر الجزيل للصديق الدكتور طلال ابو عفيفة رئيس ملتقى المثقفين المقدسي الذي بعث منذ ساعات الفجر الاولى منشور له عبر الفيسبوك كعادته يذكرنا بأسماء الشخصيات التي رحلت عنا حتى تبقى ذكراها حية في عقولنا  وفي وجداننا . 

 هذا الصباح قام  الصديق ابو عفيفة بتذكير أهل فلسطين عامة وأهل القدس بشكل خاص بأن شخصية مقدسية افنت عمرها حاملة  اسم القدس  في حلها وترحالها وفي جميع المحافل الدولية ، قد رحلت في مثل هذا اليوم في عام 2013 أنه الصحفي الكبير صاحب القلم الذي لم يهادن ودفع ثمن ذلك غاليا في العالم العربي وحتى في بلده  أنه ابن القدس البار استاذي " ناصر الدين النشاشيبي" الذي أخلص للقدس وأهلها وحرص على ابقائها في الذاكرة للأجيال القادمة ولهذا قام بتأليف عشرات الكتب الغالبية العظمى تتحدث عن القدس .

 الأستاذ النشاشيبي الذي عرفته عن قرب رحل وحيدا حزينا مقهورا من الحالة التي وصلت اليها القدس لدرجة انه الف كتاب قبل وفاته بعنوان قبل ان يزول الأقصى ، حذر فيه مما يجري حاليا في الاقصى من تغول الجماعات اليهودية المتطرفة في محاولة للاستيلاء على المكان المقدس وسط خذلان كامل من العالم العربي والإسلامي .

 النشاشيبي كان حزينا من الوحدة التي عاشها في قصره الذي أطلق عليه اسم دار "الكوثر" على اسم والدته التي احبها اكثر من اي انسان اخر في العالم . فأصبح قصره في سنواته الاخيرة خاويا لا ضيف ولا قريب ولا صديق يؤنس وحدته ويشاركه الهموم وأحاديث الذكريات ويستظل بخبرته الطويلة وحكمته  في قراءة ما يجري .

لا زلت اذكر جلسات ساعات العصر في الحديقه امام مدخل منزله حيث كان بانتظاري يوميا في الساعة الخامسة مساء في حديث  امتد الى الساعة الثامنة، استمر هذا الحديث  لسنوات طويلة ، تعلمت منه الكثير ،وسجلت كل هذه الأحاديث التي هي شهادة تاريخية . وما نشرته في كتابي الأول عن حياة النشاشيبي والذي يحمل عنوان " عاشق القلم والمتاعب "  ما هو إلا النذر اليسير مما قاله وسجلته . لم ينخل على باي المعلومة ولم يتردد بتقديم النصيحة بطريقته الخاصة .

 لقد كنت شاهدا على ما عاشه الاستاذ الصحفي ناصر الدين النشاشيبي منذ عودته للقدس في نهاية الثمانينات وحتى يوم وفاته .

 فلقد عانى الأستاذ النشاشيبي من قطيعة اقرب الناس اليه، مات في قلبه غصه  من جفاء  اقرب الناس اليه الذين لم  يأتوا لزيارته لم تشفع عندهم له شيخوخته  فمات وهو يتألم من هذا الجفاء …. 

 لا تزال  كلماته الأخيرة عالقة في عقلي وقلبي : انظر ماذا حدث لي …! 

 بعدها بيومين أخبرتني ابنته بالكلمات التالي " صديقك واستاذك قد رحل …

 رحل استاذي بعد أن لم ينصفه لا اهل المدينة التي عمل من أجلهم الكثير ولم تنصفه الجهات الرسمية،  وينطبق عليه القول : " لا كرامة لنبي في قومه" 

 رحل النشاشيبي غريبا عن مدينته، حتى كلمة رثاء لم تكتب له ولم يقم له اي حفل تابين ورثاء حتى من قبل من قدم لهم قصر خاله أديب العربية "محمد إسعاف النشاشيبي" لم يخلدوا ذكرى هذا الرجل المقدسي الغيور على مدينته لو بحفل تأبين واحد .

بعد رحيل الأستاذ طويت صفحة من صفحات القدس الخالدة الحضارية ، رحل وهو لا يدرى انه حتى قصره الذي حرص كل الحرص على أن يكون منارة ثقافية مقدسية سيتحول قريبا الى مشروع شقق استثمارية ليندثر بذلك آخر ذكرى لهذا الانسان ، فبدل ان يتحول قصره لمركز ثقافي بحثي يخلد ذكراه خدمة للقدس ،  يجرى العمل على تحويله  لكومة حجارة صماء .

 إن من واجبنا نحن من تربى على كتب النشاشيبي أن تبقى ذكراه خالدة  في الذاكرة المقدسية حتى لو تخلى عنه البعض القريب والبعيد ، هذا عهد قطعناه له قبل سنوات . 

 لقد تعهدت له ان ابقى اسم مجلته التي توقفت عنوة " أخبار البلد" قائمة وهذا ما فعلناه ولكن عبر الانترنت .