• 12 نيسان 2024
  • مقدسيات

 

  بكتبها : احمد هيمت

 

 عندما تسير في أزقة وشوارع البلدة القديمة هذه الأيام المباركة حيث يجتمع شهر رمضان المبارك الذي شارف على الانتهاء  مع أعياد الفصح المجيد  تعرف ان القدس مكان مختلف، مكان يجمع ولا يفرق، مكان فيه الإنسان هو الأهم  لولا المظاهر العسكرية التي تفرضها الشرطة الإسرائيلية على المدينة وفي أزقتها لكانت القدس  مدينة من عالم اخر .

 وبالقرب من كنيسة القيامة ترى المطران منيب يونان بوجهه المبتسم دائما  وهيئته التي يلفها الوقار   خارجا من الكنيسة اللوثرية  ويقف طويلا أمام حانون في البلدة القديمة في سوق الدباغة يتبادل أطراف الحديث مع صديقه أبو محمد ٧٠ عاما  صاحب ذلك الحانوت مهنئا اياه بشهر رمضان المبارك داعيا اياه لتناول طعام الإفطار عنده ، متذكرا أيام شبابهما  في البلدة القديمة ، بيرد عليه التاجر أبو محمد بتحية مقدسية  مهنئا  بعيد الفصح المجيد  مشددا على أنه يعرف المطران يونان منذ عشرات السنين وانه يعتبر أكثر من اخ بالنسبة له.

 المطران منيب يونان يصف نفسه بأنه مقدسي  فلسطيني حتى النخاع فهو عاش وترعرع في المدينة التي لا تعرف الا التسامح ولم يشعر في يوم من الايام ان هناك اختلاف بينه وبين اصدقائه  إلا عند ذهابه للصلاة في الكنيسة  واصدقائه يذهبون للصلاة في المسجد الأقصى .

 في السنوات الماضية كانت هناك  ظاهرة مقدسية بحته  حرص عليها رؤساء الطوائف المسيحية المختلفة الشرقية والغربية تتمثل  باقامة مأدبة افطار لشخصيات اسلامية مقدسية وأصدقائهم ، كما أن شباب حي النصارى كانوا يقيمون مأدبة إفطار لأصدقائهم في حي باب حطة وحارة السعدية والذين كانوا يردون على ذلك بزيارات مهنئين بعيد الفصح المجيد واعياد الميلاد .

 هذا العام اختفت  جميع مظاهر الاحتفالات بسبب  الحزن الذي يلف المدينة المقدسة حزنا على ما يجري في غزة من حرب ابادة ، وقهر من تخاذل العالم .

 وفي البلدة القديمة سادت الأجواء روحانية ترافق الأيام الأخيرة من شهر رمضان المبارك الذي تزامن مع بداية مراسم عيد الفصح المجيد لدى الطوائف المسيحية الغربية ولاحقا الطوائف الشرقية  هي أجواء روحانية حزينة  فالوجع عميق  والجرح النازف مفتوح  والألم يعتصر الجميع لوضع الفلسطينيين عامة وفي غزة بشكل خاص .

 وهذا كان واضحا في كلمة المطران منيب يونان في موعظته التي ألقاها لرعاية الكنيسة اللوثرية في القدس  وبالتحديد في سوق الدباغة  بمناسبة عيد الفصح المجيد  : 

لا نزال نعيش حيثيات الحرب، إما في غزة أو في الضفة الغربية، و نعيش اليوم حالة من الارتباك والخوف والحزن والغضب على كل ما تشاهده أعيننا على شاشات التلفاز أو التواصل الاجتماعي، ولكننا لسنا كالتلاميذ في غرفة أبوابها مغلقة، إنما نعيش في بلد مغلق بسبب الخوف والارتباك، ولا نعرف ما يخبئه لنا الدهر".

وانهى موعظته : 

"ومهما كانت تحالفات الدول وقرارات الساسة وأصحاب النفوذ إنما الله الحي الذي هو القوي، ولن يسمح لظلم الإنسان أن يستمر، وطالما ثمة إله حي فهناك أيضا رجاء حي بأن السلام المبني على العدالة سيتحقق؛ فهذه هي إرادة الله لبلادنا الحبيبة" 

بينما قال الناشط السياسي والاجتماعي ديمتري دلياني أن الاحتلال قد  خنق كل رغبة بالاحتفال مضيفا 

 ان القدس  تعيش أحلك أزمنتها في ظل الاحتلال الإسرائيلي الذي يزداد فاشية وعنصرية وقمعا يوما بعد يوم، وفي وقت  الذي تتزامن فيه أعياد القيامة لدى المسيحيين الذين يتبعون التقويم الغربي، وموسم الصيام للذين يتبعون التقويم الشرقي، مع شهر رمضان المبارك، نجد بأن الاحتلال الإسرائيلي يفرض حصارا قاسيا وشديدا على مدينة القدس، بحيث يمنع الأهل من باقي أنحاء الضفة الغربية، والأهل من غزة التي تعيش حرباً اباديةً غير مسبوقة، من الوصول وممارسة حقهم الطبيعي بالصلاة في مدينة القدس العربية المحتلة. وأيضا يمنع الاحتلال أهل المدينة أنفسهم من خلال أطواق أمنية تحجب وصولهم إلى أماكن عبادتهم بحرية في المسجد الأقصى المبارك وفي كنيسة القيامة.

 وتبقى القدس المدينة الاجمل والاكثر تسامحا ومحبة فالجميع ينصهر بها حبا لهدا المدينة التي تجمع ولا تفرق .