• 16 كانون الثاني 2025
  • مقدسيات

القدس - أخبار البلد - كتب خليل احمد العسلي 

" اصبر ، لا تتسرع يا خليل باطلاق الاحكام، اصبر لأن الصورة ليست كما تراها " هذه كانت عبارة الأستاذ والصديق الدكتور مهدي عبد الهادي لي دائما ، منذ ان عرفته في ثمانينات القرن الماضي حيث كنت أتردد عليه في مقره في واد الجوز كصحفي باحث عن محلل سياسي لوسيلة الإعلام التي كنت امثلها ، فهو كان العنوان لكل وسائل الإعلام الاجنبية ولغير وسائل الاعلام ايضا هو المرجع الموثوق الدقيق في التحليل والرؤية الاستراتيجية  ودائما كان مرحبا شارحا كريما في المعلومة وفي التفسير، دائما كان ناصحا ، رغم ان مكتبه في ذلك الوقت ونحن نتحدث عن الانتفاضة الأولى كان خلية نحل وطنية ،  ذلك المقر كان جامعا لكل أطياف المجتمع المقدسي وكل ألوان الحياة السياسية .

 وبقي باب مكتب الدكتور مهدي عبد الهادي او بالاصح مكتب باسيا مفتوحا دائما عندما كان يستعصي علينا فهم بعضا من الحراك السياسي او الفصائلي أو المحلي وحتى الدولي كان هو العنوان، هناك من كان يطلق على مؤسسة باسيا بأنها وزارة الخارجية الفلسطينية . بحق هي خير ممثل .

ورئيسها الدكتور مهدي جعل من بآسيا مركز الدراسات الأول الموثوق وتخرج من تحت يديه الكثير من الدبلوماسيين والقيادات الشابة والتقليدية على حد سواء، ،هو البوتقة التي انصهرت فيها الخبرة بالدبلوماسية، بالأبحاث ، فكان مكونا لا مثيل له في القدس ولن يكون مثيلا له. 

 اذكر انني كنت اقول له دائما: يا دكتور نريد أن نفهم ماذا يحدث وكيف حدث ولماذا الآن ؟!  وانت العنوان والاستاذ.!

فكان رده : تعالى إلى المكتب في الساعة المعنية وعادة ما تكون ما بعد الدوام حيث الهدوء  والحديث المريح .

ومرت السنين وشاءت الاقدار ان اشارك الدكتور مهدي عبد الهادي أول مجلس أوقاف بشكله الموسع الشامل الذي يمثل فعلا المجتمع المقدسي  وذلك كان في عام ٢٠١٩، وكان المجلس بمثابة ثورة حقيقية في علاقة الأوقاف بالمجتمع المقدسي ، واصبح المجلس العنوان الاهم والاولى والاشمل بكل ما يخص القدس وأهلها واوقافها ، وكان الدكتور مهدي قائد التغيير محاولا ان يكون للمجلس دورا أكبر مما له، دائما كان يقول يجب ان يكون التواصل يوميا ما بين المجلس والمجتمع  المقدسي والعربي والدولي، حماية للمسجد الاقصى/ الحرم الشريف ، وكانت لديه أحلاما كبيرة وخططا واسعة ، حبا في المدينة التي احتضنته شابا ومفكرا وباحثا وصانع قرار ومرجعا أساسيا.

كان أعضاء مجلس الأوقاف ينتظرون تعليقات الدكتور مهدي على المواضع الكثيرة التي تطرح فهو كان بمثابة المرشد لعدد كبير منهم .

 سنفتقدك يا استاذنا وصديقنا د مهدي وبالتأكيد لن يكون المجلس كما كان بدونك ، وبدون خبرتك واسهاماتك وبدون ملاحظات وتلميحاتك وافكارك .

القدس سوف تفتقدك يا ابنها البار الذي رفعت اسمها عاليا .

 القدس تشكرك يا د مهدي فلقد قدمت لها الكثير، جعلتها عنوانا دبلوماسيا وقبلة كل دبلوماسي وكل سياسي زائر ، كرمت أبنائها من خلال منشورات باسيا واصداراتها  جمعت أبناءها على طاولتك المستديرة، سواء المغلقة منها والعامة طرحت همومها بكل صدق ، تركت بصمات لا يمكن للقدس ولا اهلها ان ينسوها . 

 القدس لن تنساك واهلها المخلصين سوف يبقون ذكراك دائما نجمة في سماء المدينة .

 شكرا  د مهدي عبد الهادي  من القدس واهلها.

رحمة الله عليك يا صديقنا واستاذنا الدكتور مهدي عبد الهادي