• 9 آيار 2022
  • مقابلة خاصة

 

 القدس - أخبار البلد - كتب المحرر الثقافي: ينتظر بشغف كبير الكثير من محبي كاتبنا الكبير " محمود شقير" أي تصريح أو حوار يصدر عنه في وسائل الإعلام لمعرفة  اخر ابداعاته الاديبة التي باتت علامة فارقة في سماء الثقافة والأدب العربي والعالمي والمقدسي بشكل خاص .

 ولهذا فإنه شرف كبير لنا في شبكة " أخبار البلد" ان ننشر هذا الحوار الرائع الذي  أجرته الصحفية " ايه عابدين" لم ينشر في اية وسيلة اعلامية . كما وتخص بالشكر العميق الثقة التي يمحنها باستمرار كاتبنا  المبدع " محمود شقير" لشبكة " أخبار البلد" المقدسية : 

في ظل حضور الأعراف والتقاليد التي لم تعد مناسبة لزماننا الراهن، تمكن الكاتب المقدسي " محمود شقير"  من تحدي التقاليد والأعراف البالية، ومن تعزيز القيم الإنسانية التي تؤكد أن حياة الفلسطيني لن تستقيم إلا بالتخلّص من الاحتلال والتمهيد للتطور الاجتماعي الصحيح.

يفلح محمود شقير الروائي المقدسي، ابن بلدة جبل المكبر، في شد انتباه قرائه حتى اللحظة الأخيرة من خلال طرحه الحكايات بسلاسة تامة، بالإضافة إلى اللغة السهلة المفهومة، خاصة في رواياته للفتيات والفتيان، ناهيك عن دمجه الواقع والخيال في المشهد ذاته.

كان لي هذا الحوار مع شقير الروائي الثمانيني الذي اختيرت روايته "مديح لنساء العائلة" ضمن القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية في دورة 2016 ، كما اختيرت رواية "أنا وصديقي والحمار" ضمن أفضل 100 كتاب مرشح من العالم على قائمة الشرف لعام 2018، والتي رُشِحَت من المجلس العالمي لكتب اليافعين، فرع فلسطين. وقد قدّم محمود شقير مجموعات قصصية وروايات عدّة نالت اهتماماً  لافتاً منها "أنا وجمانة"، "صورة شاكيرا"، "حكاية الحطاب"، "فرس العائلة" إضافة للعديد من المسلسلات التلفزيونية.

هنا تفاصيل الحوار مع محمود شقير:

 

يبرع شقير في حقول أدبية عدة منها: كتابة القصص القصيرة وتحرير الصحف وكتابة حوارات المسلسلات التلفزيونية، بالإضافة للإبداع في روايات الفتيان والفتيات، أي من هذه الإبداعات هي الأقرب لنفسك؟ ولماذا؟ 

 

-القصة القصيرة هي الأقرب لنفسي، أنا بدأت كاتب قصة قصيرة في عام 1962. نشرت أول قصة لي في مجلة مقدسية هي "الأفق الجديد"، ومنذ ذلك الوقت إلى اليوم وأنا أكتب القصة القصيرة والقصة القصيرة جدًّا، ولهذا السبب أشعر بأنها الأقرب لنفسي. بعد ذلك وأثناء ذلك كتبت روايات للكبار وللفتيات والفتيان بالإضافة لقصص الأطفال والنصوص المسرحية والمقالات والمسلسلات. لكن تظلّ القصة القصيرة والقصة القصيرة جدًا هي المفضلة لديّ، وأخص بالذكر: "خبز الآخرين" وهي مجموعتي القصصية الأولى،  "طقوس للمرأة  الشقية" وهي قصص قصيرة جدًّا، "صورة شاكيرا" و "ابنة خالتي كونداليزا" وهما مجموعتان قصصيتان  من النوع الساخر، والصحيح أن كتابة القصص الساخرة ليست سهلة أبدًا، وما زلت أطمح إلى كتابة مجموعة قصصية ثالثة تتوافر فيها السخرية على النحو المطلوب.

الكتابة في القضية الفلسطينية

 

لأنّ القضيّة الفلسطينيّة تتأثّر إيجابًا وسلبًا بكلّ ما يحدث ولأنّ الكتاب مصدرٌ أساسي للمعلومة في الوقت الذي تكون به القصة هي الأقرب لنفس المتلقي، فما رأيك بدمج القضية الفلسطينية في كتب اليافعين؟ وهل ترى أن أخذها قد يؤدي لاختزالها وعدم إعطائها حقها أم أن على الروائي كتابتها والتوجه لها في كتب مستقلة؟ السؤال هنا له علاقة بروايتك: "أنا وصديقي والحمار"؟.

 

- الكتابة عن القضية الفلسطينية تتشعّب، وليس بالضرورة التطرق لتفاصيلها الكاملة في كل عمل أدبي، القضية عمرها 100 سنة وأكثر قليلاً وتم تداولها بشكل واسع، وما زال من الضروري أن نأخذها ونكتب عنها بآفاق جديدة ومستويات جديدة، وضرورة التعمّق في التفاصيل ورؤية جديدة لها. لكن هذا لا يضير أن يتم التذكير بالقضية بشكل أو بآخر من دون أن نستغرق بها جميعها. فالرواية، أقصد "أنا وصديقي والحمار" ليست مكرسة للقضية الفلسطينية، لكن القضية الفلسطينية تدخل بهذا الإطار مثل دخولها في حياتنا اليومية، فحين أكتب في الرواية عن بعض تفاصيل القضية الفلسطينية أذكّر بأن هناك أرضًا قد سلبت، ومستوطنة أقيمت على أرض لأصحاب أصليين. هذا التذكير مفيد، وهو يشجع الطفل والفتى والفتاة على التوسّع في هذا الميدان، وهنا تكون الرواية خدمت جزئيًا حين تَستلفت انتباه اليافعين إلى جوهر القضية من خلال جزئية صغيرة. 

في بعض كتبي، كما في رواية "فرس العائلة"  تتطرّق الرواية في الجزء الأعظم منها للقضية الفلسطينية، وفي بعض كتبي  الأخرى كما ذكرت سابقًا أتناول جزئية لها علاقة بالقضية، ولدى النظر في أعمالي الأدبية جميعها ستجدين تغطية للقضية الفلسطينية بمجملها.

 

يكتب الروائيون للتعبير عن الواقع أو للبوح بما يرغبون فيه من خلال تقمص شخصيات الرواية، فمتى شعرت أنك بحاجة للكتابة؟ 

 

- أنا كإنسان حساس يريد أن يرى العالم أفضل، ويريد أن يرى الحياة أفضل مما هي عليه، وبالتأكيد كل قصة لها خصوصيتها ولها الحافز المؤدي إليها وخصوصًا أنني ولدت في زمن المأساة الفلسطينية وما زلت أعيش في زمن هذه المأساة، ومن هنا كانت بداياتي في الكتابة، تنطلق مما أعيشه وأتأثر به.

 

بعض نصوصك مستوحاة من قصص حقيقة كما في روايتك "أنا وصديقي والحمار" فمن كان أبطال هذه الرواية؟

 

- هذه سيرة لصديقي محمد السلحوت، رجل الأعمال المقيم في هيوستن، وقد أهديتها له في نص صريح. إلى جانب ذلك، هناك شخصيات متخيلة في الرواية، وهي المتمثلة في الفريق الثلاثي الذي يعمل على تحري سرقة الحمار في محاولات للعثور على السارق. وعلى الجانب الآخر كنت أنا وصديقي وأبوه وزوجته شخصيات حقيقية، وكذلك بعض أحداث الرواية. فجزئية حمار صديقي وسرقته وزواجه وزيارته للقدس وجلساتنا المسائية كلها حقيقية.

 

بقدر ما تأتي لغة محمود شقير بعيدة عن التعقيد، فإنها سلسة مترابطة أيضًا، فما اللغة التي تعرف عنك؟

 

- من المعروف كما يرى النقاد أنني أكتب بأسلوب السهل الممتنع، وهذا ليس في قصص الأطفال واليافعين فقط، بل في القصص والروايات المكرسة للكبار أيضًا. أكتب بأسلوب قادر على إيصال الصور والأفكار، وفي الوقت ذاته لا أميل إلى استخدام اللهجة العامية وخصوصًا لدى الكتابة للأطفال، بل أفضل أن تكون اللغة هي اللغة الفصحى السهلة التي لا يصعب على المتلقي أن يفهمها، لكن في المسرح وللتمثيل على الخشبة فقد كتبت باللهجة العامية لأنها تصل بشكل أفضل، وحينما أصدرت هذه النصوص المسرحية  في كتاب فقد عمدت إلى تحريرها بلغة فصيحة سهلة إلا في بعض المواضع الضرورية جدًا. 

 

-استخدم محمود شقير بعض الأمثال الشعبية في عدد من رواياته، ففي روايته "أنا وصديقي والحمار"  استخدم مثلًا شهيرًا عن الحمار يقول " الحمار حمار ولو بين الخيول ربى" الذي يستخدمه الناس للحديث عن الطبائع فيما بينهم، فما رأي شقير في موضوع استخدام الأمثال الشعبية في القصص والروايات؟

 

-  في عدد قليل من قصصي ورواياتي استخدمت الحكايات الشعبية لكن من دون إفراط، فأحيانًا حين تدخل الأمثال الشعبية بكثرة في النصوص الإبداعية تأتي كثرتها على حساب السرد، وبالطبع، فالعمل الأدبي سواء أكان قصة أم رواية ليس من مهامه توثيق الأمثال الشعبية، ومن هنا ففي رأيي لا بد من استخدام الأمثال في الوقت المناسب والضروري، وضمن هذا الإطار استخدمت الأمثال الشعبية والأغنية الشعبية والحكاية الشعبية لكن بقدر معقول ومن دون مبالغة أو إفراط، ذلك أن المتلقي سيجد في الأمثال والأغاني والحكايات الشعبية روح الشعب وطبيعة نظرته لمختلف القضايا التي تواجهه في الحياة، ويمكن أيضًا الاستعانة بجوانب أخرى من التراث، وكذلك الاستشهاد  بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية، لكن من دون تحويل النصوص الأدبية إلى نصوص دينية أو نصوص تراثية شعبية.

-هل محمود يحب قصص محمود؟ 

- أشعر حينما أعيد قراءة كتبي بمزيج من المشاعر التي تتراوح بين الارتياح والقلق والأسف والتمني بعد فوات الأوان. أرتاح لكثير مما كتبت حتى الآن، وأقلق أثناء الشروع في قراءة كتاب أنجزته قبل سنوات، وأشعر بالأسف لفقرة غير متقنة أو مشهد ناقص، وأتمنى لو أنني استطعت تطوير المشهد على النحو المطلوب. 

هكذا تظل عين الناقد تعمل في داخلي وتعلمني كيف أستفيد من الأخطاء والنواقص، كما أتعلم من النقّاد أيضًا ومن أحكامهم السلبية وكذلك الإيجابية. وهناك كتب لي أعطيها أفضلية وأميزها بين كتبي، فأحبها أكثر من كتب أخرى. وفي الجانب الآخر هناك كتب أتمنى لو أنني كتبتها بشكل أفضل، أو لو أنني اخترت لها عناوين أكثر إقناعًا من عناوينها الراهنة.