• 29 آيار 2023
  • مقابلة خاصة

 

 

القدس -أخبار البلد - تقرير محمد الشنطي : 

لا شك بأن الحديث عن كنوز القدس التاريخية امر مثير للاهمية خصوصا في عصرنا الرقمي الحالي ، اذ لا يخلو شارع او حي او زاوية من تحف اثرية خلدتها حضارات إنسانية ساهمت في بناء أسس المدنية الشرق أوسطية . وها نحن نقف الان في منعطف تاريخي شامخ يتمثل في متحف الآثار الفلسطيني سابقا و «روكفلر» حاليا ، اذ نضع النقاط على الحروف في نقل الحقيقة التاريخية كما هي دون اية اضافات لا صحة لها .

وفي هذا الإطار استضفنا السيد بهاء الجعبة الذي وافانا بمعلومات قيمة حول ماهية المكان.  

حقائق تاريخية :

افتتاح المتحف :

افتتح المتحف رسمياً في العام 1938م. بعد حوالي تسع سنوات من العمل على بنائه، وقد تم نقل الكثير من المقتنيات الأثرية المهمة التي كانت موزعة بمدارس الآثار الأجنبية، ومتحف الآثار الفلسطيني القديم، وتم عرض العديد منها في المتحف للجمهور والدارسين، ومنها مخطوطات قمران سابقة الذكر وآثار خربة المفجر (قصر هشام في أريحا) والتي لا تزال معروضة في المتحف حتى اليوم، وغيرها الآثار المهمة للمواقع الأثرية المختلفة في فلسطين.

بعد عشرة سنوات من افتتاح المتحف فقط، وقعت نكبة فلسطين في العام 1948م، حيث انتهت السيطرة البريطانية على القدس كسلطة انتداب، ولكنها وقبل وانسحاب حكومة الانتداب البريطاني، شكلت مجلس أمناء المتحف لإبقائه تحت سيطرتها. وبقي المتحف يدار من قبل المؤسسة البريطانية حتى أممته الحكومة الأردنية بقانون رسمي، سمي قانون متحف الآثار الفلسطيني رقم 72 للعام 1966. (أنظر الملحق رقم 4)، والذي جاء بعد 11 عام من قانون تعديل مرسوم متحف الآثار الفلسطيني من قبل الحكومة الأردنية بقانون رقم (3) لسنة 1955، (أنظر الملحق رقم 3).

بعد تأميم المتحف ببضعة اشهر قامت حرب العام 1967م وتم الاستيلاء على المتحف من قبل الإسرائيليين، وما زال مبنى المتحف يستعمل كمتحف للآثار ومقر لسلطة الآثار الإسرائيلية، وتم تغيير اسمه ليصبح متحف روكفلر على أسم عائلة روكفلر الأمريكية التي تبرعت بتكاليف بنائه.

والمتحف اليوم يدار من قبل سلطة الآثار الإسرائيلية والتي تستخدمه كجزء من مكاتبها ومخازن للقطع الأثرية التي تستخرج من الحفريات التي تقوم فيها هذه السلطة في محيط القدس، وتعتبر سلطة الآثار الإسرائيلية المتحف كجزء من متحف إسرائيل في القدس الغربية، ويمكن للزائر التجول في أركان المتحف الذي ما زالت طريقة العرض القديمة ظاهرة في صالاته، وكذلك يمكن استخدام المكتبة الغنية بالمراجع الأثرية والتاريخية فيه.

•الوضع القانوني للمتحف:

لا شك أن مبنى المتحف كباقي مباني القدس ومنطقة القدس الشرقية، فهو ايضا في العهد الاسرائيلي منذ العام 1967م ويخضع للقوانين الإسرائيلية، التي سنت من قبل الكنيست الإسرائيلي بخصوص القدس وتوسيع حدود البلدية وغيرها من القوانين التي تعتبر القدس جزئ لا يتجزأ من إسرائيل وفق قانون الضم الذي صدر في العام 1980م.

الممتلكات الثقافية كما يلي:

المقصود بالممتلكات الثقافية في اتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية لعام 1954

أحكام عامة بشأن الحماية

المادة 1

تعريف الممتلكات الثقافية:

يقصد من الممتلكات الثقافية، بموجب هذه الاتفاقية، مهما كان أصلها أو مالكها ما يأتي:

أ. الممتلكات المنقولة أو الثابتة ذات الأهمية الكبرى لتراث الشعوب الثقافي كالمباني المعمارية أو الفنية منها أو التاريخية، الديني منها أو الدنيوي، والأماكن الأثرية، ومجموعات المباني التي تكتسب بتجميعها قيمة تاريخية أو فنية، والتحف الفنية والمخطوطات والكتب والأشياء الأخرى ذات القيمة الفنية التاريخية والأثرية، وكذلك المجموعات العلمية ومجموعات الكتب الهامة و المحفوظات و منسوخات الممتلكات السابق ذكرها،

ب. المباني المخصصة بصفة رئيسية وفعلية لحماية وعرض الممتلكات الثقافية المنقولة المبينة في الفقرة «أ»، كالمتاحف ودور الكتب الكبرى ومخازن المحفوظات وكذلك المخابئ المعدة لوقاية الممتلكات الثقافية المنقولة المبينة في الفقرة (أ) في حالة نزاع مسلح،

ج. المراكز التي تحتوي مجموعة كبيرة من الممتلكات الثقافية المبينة في الفقرتين (أ) و(ب) والتي يطلق عليها اسم «مراكز الأبنية التذكارية».

ومن هنا فإن متحف الآثار الفلسطيني (روكفلر) يخضع بالضرورة لهذه الاتفاقيات التي تنص بعدم المساس أو نقل أي من القطع التراثية والأثرية من هذه المواقع والمحافظة عليها، .

موضوع آخر بهذا الصدد يجب فحصه والتفكير فيه، هو موضوع تأميم المتحف أو كما يطلق عليه (تعريب المتحف) من قبل الحكم الأردني، مما جعله ملك للدولة وبذلك تم الاستيلاء عليه من الجانب الإسرائيلي كملك دولة، في حين لو بقي يدار من قبل مؤسسة دولية لكان من الممكن أن يصعب السيطرة عليه من ناحية قانونية. لكن من المعروف أن سلطة الانتداب البريطاني قامت بشكل أساسي بتحضير فلسطين والقدس لتنقل لسلطة محلية أخرى، ونص صك الانتداب البريطاني على فلسطين المكون من 28 مادة واضح في نقطة إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، كما جاء في وعد بلفور في 2 نوفمبر العام 1917م. لذلك من الأمور التي يمكن تحليلها في هذا الشأن هو أن المتحف قد بني ليتم نقله للسلطة المستقبلية والتي كانت في نظر البريطانيين الدولة اليهودية، وهنا يمكن فهم تعريب المتحف من قبل السلطات الأردنية على انه خطوة وطنية لقطع الطريق على المؤسسة البريطانية التي كانت تديره،

والشيء المهم  الآخر في موضوع متحف روكفلر ومؤسسات القدس عامة، التي كانت تدار من قبل الحكومة الأردنية أو الإسرائيلية، هي بأنه وضمن مشروع التقسيم عام 1947م، ووضع القدس الخاص بذلك المشروع والذي بموجبه تم الاتفاق على أن تبقى القدس ضمن إدارة دولية.

ومن المفيد كذلك العمل على مراجعة المعاهدات والاتفاقيات المتعلقة باسترجاع المقتنيات الأثرية وعدم قانونية نقل الآثار من مواقعها والاستيلاء عليها، وذلك للمطالبة بإرجاع المقتنيات الأثرية من الجانب الاسرائيلي.

المراجع:

•الائتلاف الأهلي للدفاع عن حقوق الفلسطينيين في القدس، ملف القدس. كانون الأول 2009

•قانون الآثار الفلسطيني العام 1929

•القانون الأردني، قانون رقم (3) لسنة 1955 قانون تعديل مرسوم متحف الآثار الفلسطيني

•القانون الأردني، قانون مؤقت رقم (72) لسنة 1966 قانون متحف الآثار الفلسطيني

•قرارات الجمعية العمومية المتعلقة بالشرق الأوسط / فلسطين

•لندمان، شمعون. أحياء أعيان القدس خارج أسوارها في القرن التاسع عشر، تل أبيب د. ت.1984.

•المتاحف والحضارة والتنمية، المجلس الدولي للمتاحف. عمان، الأردن 26-30 نيسان 1994.

•منظومة القضاء والتشريع في فلسطين (المقتفي) معهد الحقوق، جامعة بيرزيت.

•وقفية الشيخ الخليلي، حجة وقف رقم السجل 221  صفحة 333 بتاريخ عشرة شعبان 1139 هجري.

اما فيما يتعلق بوضع المتحف الفلسطيني سابقا و روكفلر حاليا فان المتحف مفتوح بشكل دائم للجمهور، ولكن المشكلة تكمن لدى الزائر العربي الذي لا يفضل زيارة المكان بوصفه تابعا لسلطة الآثار الاسرائيلية، ومن المنطق والضرورة الملحة التي تتطلب منا كمواطنين عرب زيارة المتحف باستمرار للتعرف على كنوز هذه البلاد المقدسة والحضارات التي اقيمت على هذه الأرض بغض النظر عن ما يسيطر عليه حاليا، اي يجب تجاوز مرحلة الحاجز النفسي لدى العرب والفلسطينيين والتفكير به دائما كواحد من الممتلكات العربية في القدس.

وعن طريقة العرض الحالية تحدث الجعبة قائلا: ان الطريقة الخاصة بعرض القطع والاثارات في صالات عرض المتحف هي طريقة قديمة جدا وقد تكون متخلفة مقارنة مع وسائل العرض الأوروبية والعالمية . والمعلومات الموثقة والموجودة تحت كل قطعة اثرية قد لا تكون بالضرورة دقيقة الى حد ما ، حيث يعرض داخل المكان قطعا اثرية  مثلت العديد من الحضارات الانسانية عبر التاريخ والتي عاشت في هذه البلاد مثل الحضارات التالية: الرومانية، البيزنطية، الاغريقية، الكنعانية، الاموية، المملوكية، العثمانية، وايضا فترة الانتداب البريطاني اي فترة اوائل القرن العشرين. وكل اثارات هي الحضارات موجودة الان داخل متحف روكفلر الحالي.

النشاط الانساني:

كما تحدث الجعبة عن طبيعة النشاطات المقامة في المكان، حيث اشار ان هذا المتحف مقتصر فقط على الزيارات العينية للإسرائيليين والسياح الأجانب والباحثين في علم الآثار باعتباره مركزا للبحث وجزءا لا يتجزأ من سلسلة المتاحف الإسرائيلية، القسم الثاني من متحف إسرائيل الموجود في القدس الغربية.

هذا وقد حصلت « اخبار البلد » على بعض الصور من خارج المتحف نظرا لمنع التصوير الفوتوغرافي داخل أروقة المتحف ، حيث تمكنا من الحصول على الوثائق التاريخية وبعض الصور القديمة للمتحف بالاستعانة بالمعلومات التي وافانا بها الباحث الجعبة الذي اسهبنا بواقع التاريخ والتسلسل الزمني له.

ملاحظة: بالنسبة للمعلومات المنشورة الخاصة بالمتحف هي بمثابة مرجع تاريخي نوعي. ففي كل محطة نحيطكم بكل ما هو جديد ومثمر.