• 21 تشرين أول 2024
  • مقابلة خاصة

  القدس - أخبار البلد - كتب أحمد هيمت  

 

فقدت القدس هذا الشهر شخصية ترك أثرا كبيرا في الحياة المقدسية في القرن الماضي ، إنها الدكتورة  ادرينيه كاردشيان  اقدم واكبر طبيبة أطفال في القدس  وقد نعت نقابة الاطباء فرع القدس الطبيبه بقولها ان الدكتورة كارداشيان قدمت خدماتها لسنوات طويلة للأطفال المقدسيين حتى أصبحت عيادتها بوصلة  للمقدسيين في شعفاط .

 حتى ان المفرق المركزي والذي يربط شمال المدينة بوسطها وجنوبها أصبح يعرف باسم مفرق كاركشيان  ، ذلك المفرق الذي يفصل احياء شعفاط وبيت حنينا عن البلدة القديمة وأصبح محورا أساسيا للوصول إلى مستوطنة معالية ادوميم وحتى الاغوار من الشرق كما أصبح طريقا اساسيا لتل ابيب، ولهذا  يشهد أزمات مرورية خانقة طيلة ساعات اليوم، كما أنه كان مسرحا لعدد كبير من العمليات الانتحارية وتفجير الحافلات  قبل سنوات طويلة( قبل شهر تم افتتاح نفق تحت هذا مفرق كاركشيان لتخفيف الأزمة  المرورية .

 يقول عبد المعطي ٤٥ عاما من سكان شعفاط أننا لم نكن نعرف لماذا سمى هذا التقاطع  الحيوي في القدس بهذا الاسم  ولكنه أصبح جزءا من هويته المدينة ، وعندما سألت والدي عن سبب هذه التسمية قال  لان هنا عيادة الطبيبة انسانة اسمها كاركشيان ، لا يوجد طفل في القدس لا يعرفها هذه الطبيبة الرائعة والتي  لم تتردد في استقبال اي  زائر سواء كان غنيا أو فقيرا ،  وكانت تستمع لنا وكانها جزء من العائلة وانا اتحدث عن تجربة شخصية ، هذا ما قاله لي والدي ، قبل أن يترحم عليها . 

 وقال فادي الهدمي  وزير القدس السابق في الحكومة الفلسطينية وابن الدكتور المعروف عرفات الهدمي  الرئيس السابق لجمعية المقاصد الخيرية والذي يعتبر من أقدم الأطباء في القدس وممن ساهم بتأسيس النظام الصحي في المدينة المقدسة مع عدد  من الرعيل الاول من الأطباء في ذلك الوقت . 

 "  ان الدكتورة كاردشيان كان صديقة العائلة  وكانت دائما تاتي عندنا  كما انها كانت زميلة والدي الدكتور عرفات الهدمي وعملا معا في ستينات القرن الماضي في مستشفى المطلع وكذلك عملا معا بعد احتلال المدينة في عيادات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين قبل أن تتفرغ الدكتورة كاردشيان  إلى عيادتها الخاصة في مفرق شعفاط 

  واضاف " لا يوجد طفل في القدس إلا وقامت الدكتورة كاردشيان  بمعالجته، وانا  واخواتي ايضا ، اذكر  انني مرضت كثيرا فكانت تحضر الى منزلنا كل يوم من اجل الاطمئنان على صحتي ولهذا فانا مدين لها بالكثير كما هو حال أطفال القدس . ويضيف  ان هذه  سيدة الارمنية  المقدسية وهي جزء من الفسيفساء المقدسي الرائع الموجود وفيه ينصهر الجميع حبا وخدمة للمدينة. 

 في الماضي كان الأطباء  في القدس  قربين من الناس وكانوا بمثابة طبيب انسان، حيث كان المريض يقضي وقتا طويلا  مع الطبيب ليشرح له تاريخ العائلة الطبي والاجتماعي ايضا، ولهذا كانت علاقة وثيقة بين الاطباء في تلك الفترة وبين سكان القدس ، وكانهم جميعا عائلة واحدة  لدرجة ان بعض سكان القدس كان يشعر بتحسن صحته لحظة أن يرى الطبيب وكان هذا هو العلاج النفسي الروحي الذي يحتاجه لجسده المتألم. 

  ويقول الهدمي كانت هناك هالة من  الاحترام والقدسية حول الاطباء فاذكر أن والدي عندما كان يسير في  في شارع صلاح الدين كان الجميع يركض من أجل السلام عليه  والحديث عنه ، فالطبيب كان جزء من المجتمع ومن حكاية المدينة  كما هو المرحوم الدكتور أمين الخطيب الذي كان يسمى طبيب الفقراء حيث كان يعالج مجانا ويقدم الأدوية لمن لا يستطيع شراء الأدوية وبالتحديد فيما بعد احتلال القدس حيث ساءت الأحوال الاقتصادية للمدينة  وزادت نسبة الفقر . هذا نفس لدور الذي قام به ايضا الدكتور امين مجج في عيادته الصغيرة . كما  قالت بيتي داغر مجج  ام صالح ٩٦ عاما  في كتابها "الحرب دون شوكلاتة"، حكاية زوجها الطبيب الذي خاض رحلات يومية خطرة لنقل المصابين والحالات الطارئة إلى المستشفى النمساوي (الهوسبيس) في البلدة القديمة بالقدس، رغم انتشار القناصة والقنابل الكثيرة التي سقطت قرب مركبته والمستشفى الذي عمل فيه. وتقول إنه ورغم الحرب رفض الهجرة وظل يردد "لا شيء سيمنعني عن محبوبتي القدس". وذلك في مقابلة مع الجزيرة نت في تاريخ ٢٣/٥/٣.

 وهنا برز الدور الانساني للاطباء بمن فيهم الدكتور كركشيان والدكتور أمين مجج، والدكتور  اميل جرجوعي  الدكتور  سليم معتوق ، والدكتور عبد الله صبري والدكتور عبد الله خوري وغيرهم كثيرون ، ساهم بشكل كبير في التخفيف عن المقدسيين من الناحية الصحية والنفسية والاقتصادية ، والتخفيف من معاناة الاحتلال وما خلفه في المدينة .