- 27 كانون أول 2021
- في إيتلية
القدس - أخبار البلد - تقوم شبكة " أخبار البلد" بتخصيص حيز للفنانين المقدسيين من خلال زاوية في اتيليه فنان ، حيث يتحدث الفنان بنفسه عن نفسه مباشرة للقارئ المحلي والعالمي .
وذلك ايمانا من ادارة شبكة " أخبار البلد" بضرورة عرض حكاية اخرى من حكايات القدس ، إنها حكاية الفنانات والفنانين الشباب وذوي الخبرة على حد سواء الذي يعانون كما تعاني مدينتهم من التجاهل من قبل المؤسسات التي تستغل اسم الفن لإرضاء الممول الأجنبي فقط .
ان هذا النشاط جاء بالتعاون مع دائرة الفنانيين التشكيلين في نادي القدس.
كانت أول بطاقة تعارف شخصية في اتيليه الصديق العزيز الفنان المبدع طالب الدويك الذي هو بحق فنان القدس التي يعشق والتي جسدها روحا في لوحاته التي لم تكن مجرد ريشة وقماش بل هي حكاية مقدسية فيها الروح والجسد معا .
انا الفنان طالب الدويك
تخرجت من جامعة حلوان في القاهرة كلية التربية الفنية عام ٧٧ واذكر انني كنت موهوب جدا واعشق الرسم منذ نعومة أظافري حيث كان الدفتر وقلم الرصاص او قلم الفحم لا يفارقني اينما تجولت في ازقة القدس، فلقد عملت في فترة الصبا في بيع التحف للسياح للقدس بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة لعائلتي ، حيث الوضع جعلني اتجول في طريق الآلام، وكنيسة القيامة إلى المسجد الأقصى ، وجبل الزيتون والازقة الاخرى ، في الاوقات التي لم تكن هناك وفود سياحية كنت اجلس وارسم .
وبعد تخرجي من المدرسة الثانوية كنت اعرف ان اوضاع ابي كبير السن لا تسمح بتعليمي في الخارج على نفقته، وذات يوم عندما كنت في زيارة الصيف لاخواتي في عمان وقعت بيد احدى الصحف الاردنية وفيها إعلان لخريجي التوجيهي بالتقدم بطلبات للحصول على منح دراسية جامعية في مصر في التخصصات التربية الفنية كالرسم والتمثيل والمكتبات، حيث كانت وزارة التربية والتعليم الاردنية ترغب بتأهيل خريجي جامعي ليكون معلمي فنون مؤهلين وليكون نواة للحركة الفنية الاردنية ، فسارعت وتقدمت بطلب ، وتم اجراء اختبار قدرات لي ونجحت فيه بشكل جيد، وحصلت على منحة الدراسة في جامعة حلوان، وما ان وصلت الى القاهرة حتى تم إخضاعي لاختبار قدرات اخر ، حتى يتاكدون أنني مؤهل لتعلم الفن وليس قادما بواسطة .
، والحمد لله نجحت في الامتحان وأنهيت الدراسة الجامعي وعدت إلى القدس وعملت في المعهد العربي في أبو ديس حيث كنت احد طلابه ، وكانوا ينتظرون تخرجوا لاعمل عندهم وهذا ما حدث .
بما اني خريج فنون فلقد انضممت الى رابطة الفنانين التشكيليين ، بمشاركة أسماء كبيرة في الفن كنت احلم ذات يوم بان اكون زميل لهم .
واذكر انه في تلك الفترة امتازت الحركة الفنية الفلسطينية بالرسائل المباشرة مثل مقاومة الاحتلال، واخذني بعض الوقت حتى اندمجت بهذه المدرسة الفنية ، بعد ذلك قمت بأول مشاركة عبر معرض مع الفنانة العريقة سماح نسيبة ، والفنان الكبير صلاح الأطرش. وهذا كان اول معرض لثلاثة فنانين في نادي الخريجين في حي الشيخ جراح ( هذا المكان مغلق حاليا، بعد ان تحول ليكون مقرا لإحدى شركات السياحة ) .
ومن ثم شارك بمعرض يحمل اسم البيئة الفلسطينية في مسرح الحكواتي بالقدس وحصلت فيه على الجائزة الأولى ، بعد هذا النجاح انضممت إلى ادارة رابطة الفنانين وتقلدت منصب أمين سر ومسؤول المعارض، بقيت بهذا المنصب حتى بداية التسعين ومن ذلك الوقت وحتى عام ٩٦ تراست رابطة الفنانين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة ، كانت هذه الفترة فترة نشاط كبير حيث شاركت بعدة معارض في اليابان وفي إسبانيا وفي عدة كبير من دول العالم بمشاركة أسماء كبيرة في الفن منهم الفنان سليمان منصور والفنان نبيل العناني .
ولم أتوقف ذات يوم عن تقديم أية مساعدة ممكنة من أجل رفعة الفن التشكيلي الفلسطيني.
انتمائي كبير للفن واذكر انه لم يكن لدي سيارة وكنت اسكن في حي سلوان في ذلك الوقت ، وعندما أقمت المعرض في الحكواتي كنت احمل لوحاتي ولوحات زملائي المشاركين بيدي ونقلها لهناك ، وبسبب هذا المعرض منعت من السفر إلى خارج فلسطين لمدة ست سنوات باعتبار ان ناشط في مجال الفن والثقافة واعتبروا أن رابطة الفنانين هي محرضة ضد الاحتلال.
الى ان جاءت السلطة الفلسطينية وتوقف دور رابطة الفنانين الفلسطينيين ، وحلت محلها وزارة الثقافة والتي كانت تدعونا للمشاركة بالنشاطات الدولية والمحلية .
في الفترة الاخيرة بعد ان ابتعدت عن رابطة الفنانين اشتغلت على نفسي وفني اكثر، وشارك بمعارض في أكثر من ثلاثين دولة وكنت ادفع النفقات من جيبي الخاص من أجل كسب الخبرات الدولية والاحتكاك مع الفنانين العالمين ، فلقد كنت أدفع ثمن تذاكر السفر كما حدث في تونس حيث شاركت لمدة خمس سنوات في المعارض هناك ، وحصلت على جائزة الشراع الذهبي ، في ٢٠١٤ حصلت على جائزة القدس للثقافة والإبداع، وفي ٢٠١٧ حصلت على وسام الثقافة والعلوم والآداب من سيادة الرئيس عن لوحتي التي تجسد اقتحام باب حطة في البلدة القديمة أحد أبواب المسجد الاقصى ، وعندي الكثير من الشهادات
في تلك الفترة توليت مهمة رئيس قسم الفنون في جامعة القدس ، واكثر ما كان يحزنني ان طالباتي كنا يعملن في مجالات غير تخصصهم ، ويشعرنا بالضياع ، فلقد كان ولا زال هناك تهميش من قبل وزارة الثقافة والمؤسسات الأخرى ، فأخذت على عاتقي زمام المبادرة للاخذ بيد هؤلاء الفنانات والفنانين الشباب ، فكانت الانطلاقة من مركز الحياة للثقافة والفن الذي كان يرأسه رجل الأعمال باسم ابو عصب، وكانت هذه بداية تجمعنا كفنانين مستقلين وأقمنا معرض يحمل اسم "ربيع القدس" ، ونقل المعرض إلى جميع مدن الضفة الغربية وكان له صدى كبير.
بعد اغلاق المكان انقطعت لمدة ثلاث سنوات عن هذه النشاطات، والان قررت الانضمام لنادي القدس حيث كنت نائبا للرئيس وخدمت هذه المؤسسة كثيرا في السنوات السابقة ، وكانت امنيتي ان نجمع الفنانين والفنانين تحت سقف هذه المؤسسة في إطار دائرة الفن التشكيلي .
العام الماضي كان هناك إنجاز كبير لنا حيث بدأنا بمعرض في نابلس ومعرض آخر في أريحا ومعرض في متحف بيرزيت ، ومعرض "نبض القدس" في القدس ، معرض من القدس إلى الجليل في المركز الثقافي الفرنسي بالقدس ،حيث نقل المعرض إلى كفرياسيف في الجليل ، ومعرض في أبو ديس في المباني القديمة للقرية ، إضافة إلى العرض الأخير بمناسبة تأسيس جامعة الفنون في بيت لحم . والان هناك اتصالات لإقامة معرض في روسيا واوكرانيا
كفنان عندي رسالة ومسؤولية ان انشر هويتي وفني وانتمائي للقدس وأبرز ذلك في لوحاتي من عشق للقدس حتى انه اطلق على " فنان القدس" ، فأنا ولدت بالقرب من الحرم الشريف / المسجد الأقصى، في باب السلسلة وطردت من بيتي من قبل اليهود حيث تحول ليكون كنيس يهودي، فانتقلت الى حارة السعدية ، هذه الطفولة اثرت بي كثيرا ، فانا اعشق كل شي في القدس من ابواب وشبابيك وقناطر اسواق وحوانيت وزخارف وهذا ينعكس في لوحاتي.
كما اهتم بالطبيعة والورود منها شقائق النعمان واشجار الزيتون، فلقد عشقت جماليات فلسطين من الصغر حيث كان ابي بائعا متجولا وكان يصحبني معه الى قرى رام الله بيت لحم وبيت ساحور، فتذوقت كل جماليات الريف الفلسطيني والفصول الاربعه.
الله يعطينا الصحة وطولة العمر في خدمة الاجيال وخدمة قضيتنا في القدس التي تتعرض لهجمات من قبل الاحتلال ، القدس التي هي عاصمة العواصم وهي مدينة الإسراء والمعراج .
فانا اكون في قمة السعادة عندما اقدم اي شيء لشبابنا الذين يشعرون بالإحباط لدرجة أنهم عزفوا عن الفن لعدم اهتمام المؤسسات المعنية بالفنون وتهميش الثقافة والفنانين المقدسيين .
هذا انا طالب الدويك عاشق القدس والريشة والألوان
وكل عام وانتم بخير

