• 16 آذار 2017
  • نبض إيلياء

 

 

 ان هذه العبارة هي اكثر العبارات التي يمكن ان يسمعها اي انسان يتجول  في القدس ، كما هي اول رد على اول سؤال قبل البدء باية محادثة بين اثنين من المقدسيين ، 

 هذه العبارة تقال في المدينة المقدسة ليس من باب التذمر( لا سمح الله )  من الزمن، ولا هي  كره العيش في القدس،  بل هي تاتي من باب قول الحقيقة ووصف الواقع لا اكثر ولا اقل  .

  رغم ان هذا السؤال بهذا الجواب اصبح الاكثر شيوعا في فلسطين خصوصا وفي العالم العربي عموما، الا انها في القدس يأخذ منحنى اخر،  اكثر حدة واشد الما، واعمق وقعا، فهي تصف حالة عامة يعيشها الفقير قبل الاكثر فقرا ، لانه في القدس لا يوجد اغنياء الا مصاصي دماء  الشعب ، وقاطعي المساعدات عن المحتاجين …  والتجار اصحاب الياقات البيضاء باسم القدس .

 ما علينا

 المهم  ان الحالة  تعبانه …. اينما نظرت، وكيفما اتجهت

فحال  المؤسسات  في المدينة لا تسر عدوا ولا تسعد حبيبا ، فهذه المؤسسات عامة تعانى من فشل اداري لا مثيل له ، وتعانى من شح في التفكير الخلاق ( الا في حالة ان كانت المؤسسة تنفذ اجندة اجنبية ، فالابداع موجود بهدف التدمير )  كما تعانى المؤسسات من تسلط الجهلة عليها وغياب في الروح النابضة فيها ، اين الافكار القيادية التي تجمع ولا تفرق ؟! اين الشفافية المالية والادارية في تلك المؤسسات ؟ ناهيك عن شح كبير في مصادر التمويل ، هذا الوضع ازداد سوء مؤخرا عدما قررت مؤسسة تعتبر نفسها ضخمة وهي في الواقع صغيرة  ان تنافس المؤسسات الصغيرة على مصادر التمويل بحجة انها الاكبر …. وعلى ارض الواقع هي لم تنقذ حجر او تبنى بيت او تحافظ على كرامة انسان !

 الحالة تعبانه  وصلت الى العلاقة ما بين المقدسيين والذين باتوا من جهة يشعرون انهم غرباء في مدينتهم التي حافظ عليها اجدادهم واورثوهم حب المدينة ، وحملوا امانة الحفاظ على هذا الارث الممتد لمئات السنين ، فهم  اصبحوا اقلية تواجه الاخطار القادمة من كل حدب وصوب  ، من العدو ومن الصديق ومن الاخ ، هم لوحدهم بعد ان تخلت عنهم المؤسسات الرسمية التي اخذت الجانب الاخر من المعادلة  الخاسرة .

 كما ان المقدسيين يعانون من حالة شرذمة غير مسبوقة ، فالجميع يشك بالجميع ، والجميع يعمل ضد الجميع، والبعض يتحالف مع البعض ضد القريب ، والضحية بالتاكيد هي القدس ، التي تبكى دما ليل نهار على الحالة المزرية التي وصل اليها ابناؤها ، فقلوبهم لم تعد تحن على بعض ، عقولهم اصابها الخرب،  اجسادهم اصابها الترهل من قلة الحركة والتجوال في ازقتها وحاراته بحثا عن حديث الحجارة حول الارث المقدسي ، وحول حكايات لا تزال  الحجارة تحافظ عليها من اجل الاجيال !!!

 الحالة تعبانه  وصلت الى المسجد الاقصى او كما يسميه المقدسييون الحرم ، فهذا المكان الذي كان مسرح  الذكريات لاهل المدينة ، اصبح محرما عليهم ، وكل من يريد الوصول اليه عليه ان يفكر الف مرة ، فالخطر محدق  في كل خطوة يخطوها في المكان الذي كان المتنفس للمدينة واهلها . فالغريب بات المسيطر الاول على كل صغيرة وكبيرة في المكان المقدس ، وبات من الصعوبة بمكان  التحرك في الاقصى الا باذن مسبق من الغريب ، وبات مشهد الغرباء يتجولون ويصلون ويفرحون  في رحاب الاقصى مشهدا يوميا،  اعتادت عليه عيون الناظرين الجامدة  الا الاقصى لم ولن يعتادى على مشهد المعتدى عليه ، وبات مشهد المقدسي والعربي في رحاب الاقصى هو غير العادي الغريب  …. فالمعايير تغيرت ، والقوانين تبدلت ، والقلوب ماتت والخشوع هرب، بات الجميع يخشى المغامرة !!

 الحالة تعبانه ! لان المقدسي بات نبته غريبة في بستان العروبة ، فهو لم يعد ذلك الحارس  الامين على اولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين ،  ولم يعد ذلك المحارب نيابة عن العرب والمسلمين ،  والعالم اجمع حفاظا على ارث انساني حضاري ، بل اصبح  هما يثقل على كاهل  العروبة، يتمنى الكثيرون  ان يختفى ذلك المقدسي ومعه مدينته ذات صباح خلف الافق البعيد بلا رجعة،   حتى يرتاحوا من تأنيب الضمير عند من بقي منهم عنده ضمير

 فالقدس قد خذلها الاهل والعالم اجمع ، والمقدسي يعانى الوحدة القاتلة في صحراء موحشة يتربص له الغول خلف كثبان الرمل المتحركه 

 وبعد ذلك  يسآلون المقدسي لماذا الحالة تعبانه …..؟!!!

 للحديث بقية  

  

      خليل العسلي