• 17 آيار 2023
  • نبض إيلياء

 

 بقلم : خليل العسلي 

 في الوقت الذي  يصر فيه الجانب الاسرائيلي بغض النظر عن توجهاته السياسية يسارية كانت او يمنية دينية او الصهيونية اليمينية الدينية المتطرفة ، على حقه في إقامة مسيرة الإعلام تذكيرا لسكان القدس العرب بأن مدينتهم لا تزال محتلة منذ عام 1967 ، معتبرين هذه المسيرة دليل واضح للاعمى قبل المبصر،على السيادة الاسرائيلية، ولا مجال عندهم حتى التفكير ولو للحظة بالغائها اوحتى تعديل مسارها، مشددين على ان هذا الوضع مستمر منذ سنوات طويلة بمعنى خلقوا واقعا افتراضيا وصدقوه!! 

ما نسيه الجانب الإسرائيلي او لا يرغب الاعتراف به  هو أن هذه المسيرة بدأت كحدث ديني بحت ، ففي عام 1968 قام الحاخام تسفي يهودا كوك مع طلابه بمسيرة  من باب الخليل الى حائط البراق ( المبكى) بعد الانتهاء من دروسهم في المدرسة الدينية مساءا وتشمل الغناء والرقص ، وفي عام 1974 بدأ السماح للناس العاديين المشاركة بالمسيرة الدينية ، التي لا علاقة لها بالسياسة والسيادة ولا الصهيونية  كما أنها لم تكن ذات طابع  رسمي ،  واليوم أصبحت المسيرة رسمية في صلب الاجماع الاسرائيلي وكأنها عمل قومي من الدرجة الأولى .

 أما عن تمويلها فإن هذه المسيرة الاستفزازية تقوم بلدية القدس بتمويلها بالكامل مع وزارة  التعليم وجمعية تطويرالحي اليهودي، بكلمات اخرى انها  تمول من قبل الحكومات الإسرائيلية اليسارية قبل اليمينية .

 إن مسيرة الأعلام  كانت تبدأ في السابق من حي الشيخ جراح وسط هتافات عنصرية  ضد الإسلام وضد العرب  ، فهي مسيرة الكراهية مسيرة استفزازية بكل ما في الكلمة من معنى هدفها واحد  ووحيد وهو التأكيد على أن القدس يهودية لا مكان للعرب فيها وعليهم ان يرحلوا او … ولكن لن يبقوا فيها وهذا  يفسر العدوانية والعنصرية التي تمارس في المسيرة أثناء مرورها من باب العامود عبر شارع الواد وصولا إلى حائط البراق ، فجميع الهتافات هي عنصرية وهي ضد العرب وضد الإسلام ، وما يتبع ذلك من اعتداء على الحوانيت وتخريب  اقفال الابواب وحتى الاعتداء بالضرب على من تواجد هناك ، معناه واحد وواضح .

 ومن أجل هذه المسيرة  تخصص الشرطة الاسرائيلية الالاف من افرادها لحماية المشاركين المتشددين الكارهين للعرب، بل انها تعزل المدينة العربية عن محيطها الداخلي قبل الخارجي ، وتجبر أصحاب الحوانيت على إغلاق المحال منذ الصباح حتى لا يتم تعكير مزاج المشاركين  في المسيرة ، وتمنع الشرطة  سكان البلدة القديمة من الوصول الى منازلهم منذ ساعات العصر وحتى ما بعد الساعة الثامنة  مساءا من اجل عيون المشاركين في مسيرة الإعلام ، منعا للاحتكاك كما تقول الشرطة .

 السؤال لماذا على العربي المقدسي الفلسطيني أن يعاني في الوقت الذي يحتفل به الآخر؟ لماذا تتحول اعياد اليهود في القدس الى كابوس على اهل البلدة القديمة الذين يجبرون البقاء في منازلهم يسمعون الشتائم  ويشاهدون الضرب على أبواب بيوتهم بينما الشرطة تتفرج ولا تحرك ساكنا ، وتكتفى بالرجاء من المشاركين في المسيرة المضي قدما .

 هذه المسيرة قال عنها  دانيال هارتمن  في مقالة له العام الماضي " لا اعتقد اننا بعد عيد الاستقلال والاحتفالات فيه بحاجة إلى يوم أخرى لنثبت فيه سيطرتنا على القدس وخاصة انه في نفس الشهر ، مضيفا في  نفس المقالة " انه بالنسبة لي فان مسيرة الاعلام هي تدنيس لقدسية المكان والرب  لأنه يوم يتم فيه  الخلط بين الديني والقومي " 

وهنا اتذكر ما كنا نسمعه في الصغر في سبعينات القرن الماضي من كبار السن خليهم ياخذ البلد يوم واحد ونحن لنا بقية العام ، ولكن يا شيوخنا فانهم الان ياخذون كل الايام ولم يبقى لنا يوم واحد نعيش فيه حياة كريمة هانئة وهادئة رحمة الله عليكم يا كبار السن كم كنتم متسامحين ولم تعرفوا ان الاخر لا يريدكم ولا يريد احفادكم في المدينة .

 وللحديث بقية … ان بقى في العمر بقية