- 6 آذار 2024
- نبض إيلياء
بقلم : خليل احمد العسلي
وأنت تتجول في شوارع البلدة القديمة في القدس ينتابك شعور الغم والحزن الهم، فلا يعقل أن تكون القدس قلب الامة العربية والاسلامية ومركز الحضارة والثقافة، مدينة التعايش والوئام الاجتماعي .
معزولة أسواقها ، حوانيتها خالية ، سكانها مهمومة، شوارعها مهجورة ، يومها كليلها، لا بائع ولا شاري.
حوانيت القدس لا تفتح ابوابها الا مع صلاة الظهر وتغلق أبوابها بعد صلاة العصر، هذا ما قاله العديد من أصحاب الحوانيت الذين يفتحون فقط من أجل القدس ومن أجل الصلاة في الأقصى وليس من أجل التجارة التي لا تكون إلا نادرا .
وكما قال أحدهم هذه المدينة العظيمة منسية ، نحن المقدسيون نعيش خارج الزمن ، ولولا حب المدينة لما بقى انسان فيها ، فنحن ندفع ضريبة هذا العشق الأبدي لمدينة الله ، ومهبط الانبياء.
هنا تذكرت ما كتبته المقدسي الصادق الصحفي الكاتب ناصر الدين النشاشيبي في كتابه " هل تعرفون القدس"( براي لا أحد في العالم العربي والإسلامي يعرف معني المدينة المقدسة) ذلك الكتاب صدر في عام 1997 ويصف حال المدينة في ذلك الوقت وليس حالنا في عام 2024 والذي هو الأكثر سوداوية من الماضي حيث كتب النشاشيبي :
" .. واستطردت القدس في حديثها لي تقول - إن بعض زعمائكم اليوم يتحدثون عن القدس من زاوية الدين فقط -وانني- انا القدس - ليست سوى مسجد عمر ، المسجد الأقصى والصخرة والحرم الشريف ، يا للضياع، هل نسي العرب أن القدس هي تاريخ العرب؟ وأن عنصرها الديني إنما هو بعض عظمتها وبعض خلودها ولكنه ليس كل عظمتها ولا كل خلودها ! القدس تعني سيادة.. وتعنى لغة.. وتعنى شعبا.. وتعنى احياء وزوايا طرق وميادين.
ويكمل النشاشيبي في كتابه " وهكذا توالت الضربات بعضها قادم باسم الحروب الصليبية وبعضها باسم العودة إلى "ارض اسرائيل" كل هذا وأعز أهلي في غيبوبة عني لقد جهلوا قدري فتركوا سواهم يجني أكثر منهم، ويدفع الثمن دما للاحتلالي..
الخلاص كما يفهمه أهل القدس ليس مجرد امنية او خطاب رنان…
تاريخ القدس يقول لمن يريد ان يتعلم ان يفهم وان يعرف، كيف ومتى تعود القدس؟
هكذا كان الحال قبل عشرات السنين اما في وقتنا الحاضر الزمن الأصفر فإنه حتى الخطب لم تعد تلقى ولا حتى التنديد الخجول أصبح قائما ، بل ان التنديد الوحيد الصادر من العرب والمسلمين هو ضد الضحية وليس الجلاد .
ويكفى أن نقرأ ما كتبه القاضي مجد الدين بن محمد بن عبد الله الحنفي في خراب بيت المقدس زمن هجوم الصليبيين على القدس وهروب الملك العظيم عيسى من بيت الله :
مررت على القدس الشريف مسلما
على ما تبقى من ربوع كانجم
ففاضت دموع العين مني صبابة
على ما مضى من عصره المتقدم
مدارس آيات خلت من تلاوة
ومنزل وحي مقفر العرصات
هذه الصورة القاتمة التي رسمناها للقدس وحال اهلنا هذه الأيام تتزامن مع وصول الضيف المبارك الذي تنتظره المدينة والمقدسيين بفراغ الصبر إنه شهر رمضان المبارك الذي يحل علينا وحالنا اسوء الاحوال ، ورغم ذلك تبقى القدس اسطورة بألف ذراع والف يد والف قدم وليست مجرد مدينة كأي مدينة عربية او اسلامية ولهذا فان الامل باقي في قلوب المقدسيين .
وكما قال لي الشاعر والكاتب التركي المعروف "ابراهيم دميرجي " وبعد اطلاعه على أحوال القدس وأهلها هذه العبارة التي تحمل من المعاني الكثير :
" رغم أن أسوار قلاعنا تحطمت، إلا أن أسوار قلوبنا تظل صامدة…."
هذه العبارة ذكرتني بعبارة اخرى يرددها أستاذي الحكيم الاسطنبولي :
" ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل "
ونقول كل عام وانت بالف خير بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك فهذا الشهر هو شهر الامل والتفاؤل..
وللحديث الرمضاني بقية إن بقى في العمر بقية