- 17 أيلول 2024
- نبض إيلياء
بقلم : خليل احمد العسلي
نشرت جريدة " أخبار البلد" المقدسية هذا الأسبوع خبرا عن اجتماع عقد في العاصمة الأردنية عمان تم فيه الاعلان عن اطلاق صندوق آخر يحمل اسم القدس ، وذلك بحفل أكثر ما يمكن وصفه به بأنه نادي مغلق لمجموعة من الاصحاب والاصدقاء ، تم فيه الإعلان عن حزمة من المساعدات والدعم لمؤسسات مختلفة في القدس تشمل العديد من القطاعات التعليمية والرياضية وترميم المنازل وغيرها ، وقد وصل حجم ما تم تخصيصه لتلك المشاريع ما لا يزيد عن ثلاثة ملايين دعم مباشر ،ووفق ما نشر فإن المبلغ الإجمالي قد يصل الى خمسة عشر مليون دولار ( وهذا مبلغ متواضع امام الاحتياجات الملحة التي تحتاجها القدس بشكل فوري للتخفيف من ضائقتها وليس إنهاء معاناة طويلة ).
وتزامن ذلك مع قرب الانتهاء من مشروع بركة سباحة ومجمع رياضي قامت بلدية القدس من أجله بمصادرة أراض واسعة من أصحابها العرب في منطقة بيت حنينا وبتبرع من صندوق مندل الامريكي وصل الى عشرين مليون دولار، هذا في الوقت الذي على بعد مئات الأمتار من هذا المكان ، لا يجد فيه سكان بعض الأحياء الفلسطينية شمال المدينة ماء للشرب والاستحمام.
انظروا الى الفرق الواسع في حجم التبرع لمشروع واحد من قبل المحتل وداعميه الأمريكان اليهود بهدف خدمة الرؤية اليهودية للمدينة، وبين ما يقدمه أكثر من اثني مليار مسلم ومئات الملايين من العرب للقدس، اقل ما يقال عنه أنه الفتات ، حتى هذا الدعم لا يعتبر دعما حقيقيا للمدينة المنكوبة ، لأنه يصب في مصلحة ثلة من المؤسسات والأشخاص الذين يشكلون عضوية في نادي مغلق لا يتعدى عمله عن كونه مجرد الفكرة والنجاح الشخصي، وليس من أجل القدس.
ما علينا
المهم، أن القدس بحاجة إلى دعم حقيقي دعم له اثر حقيقي وفيه تعزيز الوجود والحضور الفلسطيني في القدس وليست بحاجة الى احتفال ومهرجان توزيع عطايا أو مؤتمر لتوزيع نقوط العرس من قبل بعض أغنياء العرب لهم اهتمام بالقدس ونواياهم نقية لا نشكك بها رغم إشكالية غياب الإطار والمنظومة الفاعلة لتحقيق الأثر المطلوب … ولا يتعدى هذا الدعم كونه دعم متعهد به لا ندري إن كان ستبقى وعودا أو أن هذا الدعم سيكون واقعا على الأرض ( كما كان الحال في جميع القمم العربية التي تعهدت بالملايين ولم تصل حتى الملاليم والتي ينطبق عليها المثل القائل "عشمتني بالحلق قمت انا خرمت وداني" ) .
ومن باب العلم بالشيء فإن البنك الإسلامي للتنمية في جدة لم يقدم أي دعم لأي مشروع للقدس منذ أكثر من خمسة عشر عاما وبالتحديد بعد أن دب الخلاف بينه وبين برنامج الأمم المتحدة الإنمائي حول مشروع إعادة ترميم شارع السلطان سليمان وشارع الزهراء في القدس والذي لم يتم استكماله حتى الآن وتم الاكتفاء بتغيير أبواب وواجهات بعض المحال التجارية دون أن يستفيد القلب الاقتصادي للمدينة بشيء من هذا المشروع . .
القدس تستحق أكثر من ذلك بكثير فهي ليست مجرد مدينة فقيرة ، أو منكوبة او مشروع استثماري انتهازي ، بل هي العاصمة هي التاريخ هي القلب النابض للإسلام والمسيحية ، وهي مركز الحضارة العالمية وقد مزقها التفتت والشلالية فكل يعمل من أجل مصلحته ومصلحة أصحابه سواء كان ذلك من أجل أبناء طائفته أو من اجل أبناء عمومته او من اجل اصحابه ، ولكن لا أحد من هؤلاء يعمل من أجل المدينة التي يعيشون فيها والتي تجمعهم هي ماضيهم وهي حاضرهم بدونها هم ليسوا إلا عابرين غرباء.
القدس بحاجة الى الاستثمار بالإنسان والحجر والشجر وليست بحاجة الى العطايا …
وللحديث بقية طالما في العمر بقية