- 3 تشرين الثاني 2024
- نبض إيلياء
بقلم خليل احمد العسلي
هذه المقالة لن اخصصها كما هي العادة للحديث عن القدس وهمومها وأوضاعها التي تبكي الحبيب ( ان وجد) ولا تسعد العدو المتربص لها عند كل زاوية وكما قيل فإن القادم اسود مثل سواد الليل( والله وحده قادر أن يغير الحال بالحال ) .
هذه المرة سيكون الحديث المقدسي الاردني عماني بامتياز، لأن الحديث عن رئة القدس الثانية عمان، فهو حديث هاشمي لان عن المملكة الأردنية الهاشمية التي يظلمها الكثيرون بحديث متسرع، بعيدا عن العقل والتفكير ، فلولا هذا البلد لكان حال القدس خاصة وفلسطين عامة بأسوء حال ولما بقى الاقصى أقصى ولا بقيت القدس قدس .
إن هذا الحديث الاردني المقدسي مبني على لقاءات جرت في عمان ، تلك المدينة التي تعلمت بها ولي فيها قطعة من روحي وكثير من الذكريات الشباب صحيح اني غادرت عمان ولكن ترك فيها نبضة من نبضات القلب ، فهي جزء من الهوية الجمعية لنا جميعا .
في احدى الامسيات في منزل صديق عربي اصيل في احد احياء عمان الهادئة رغم حركة السير النشطة ليل نهار التفت إلى هذا الصديق وقال : انا احمد الله صباح مساء وبعد كل صلاة بأنني موجود في الأردن فلقد دخلت هذا البلد الرائع قبل أكثر من عشرين عاما هاربا من الظلم باحثا عن الأمن ، ولم أخرج منه ليوم واحد ، فأنا أشعر بالراحة والأمن والأمان والاستقرار.
الأردن أيها المقدسي وبحق هو جسر بين الشعوب، الناس فيه رائعون وهذا ما اعتبره نعمة التي لا نعمة بعدها ، وعلى الأردنيين أن يحافظوا على هذه النعمة ، بكل ما أوتوا من عزيمة وحب ونخوة .
ذلك الصديق العربي الذي اجبر على الرحيل عن بلده واستقبله الاردن بالاحضان ، قال لي : ان الاردن بلد لا مثيل له بالعالم ، هنا لا أشعر أني غريب رغم أن لهجتي تكشف من اي بلد انا ولكن هذا لا يؤثر على العلاقة مع الناس، تخيل أنني لم أحمل ذات يوم جواز سفري او اي شيء اثناء تجولي في المدينة، اسير بحرية تامة ، اقوم باعمالي بكل اريحيه ، حتى تجديد الاقامة يتم خلال فترة وجيزة.
مضيفا : ارني بلدا عربيا آخر فيه هذا الامان والامن والاستقرار ، يا صديقي لدي قريب يقطن إحدى الدول العربية من أكثر من ثلاثين عاما أولاده لا يعرفون غير هذا البلد وطننا لهم ، ولكن ذات يوم اغبر أقدمت السلطات هناك على سحب جنسيته التي منحت له وفق القانون دون حتى أن يفسروا له هذا القرار غير الإنساني، خلصوه من كل امتيازات المواطن ليصبح بين عشية وضحاها بلا وطن ولا مكان يحتضنه تحت هذه السماء، أصبح بلا شيء وأصبح لا شيء مجرد مخلوق غريب …!!!
وأنهى كلامه :اللهم احمي الاردن، من غدر الغادرين ومن الحاقدين الذين يتربصون له.
في نفس اليوم التقت في المساء أحد كبار الأدباء والمفكرين والكتاب العرب قادما من هناك البعيد للمشاركة بلقاء ثقافي وتوقيع أحد كتبه ( ذلك الكتاب الذي تحدث بين صفحاته عن بيت المقدس ) عاد وأكد ما قاله لاحدى وسائل الاعلام الاردنية غير الرسمية : ادعوا الاردنيين الى حماية وطنهم ، فهذا الوطن يستحق حمايته والحفاظ عليه ، هذا الوطن يوفر لأبنائه ولكل من يسكن فيه نعمة الأمن والأمان،،،
ما علينا
المهم ، قلت له يا صديقي هذا الكلام تقوله انت الكاتب المعروف القادم من بلد عربي آخر ، فماذا اقول انا القادم من القدس، يا صديق أنه الاردن الذي هو منا ونحن منه .
وهنا ذكرت صديقي بما كتبه المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال في المقالة التي افتتحت بها جريدة " أخبار البلد" في عددها الأولى بنسختها الورقية تحت عنوان القدس عندي وهذا بعض مما كتبه جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال :
"القدس عندي من اعز المدن واغلى المواقع ، وهي درة في جبين التاريخ الإنساني، وجوهرة السلام ورمزه ،ومهوى أفئدة المؤمنين بالله وهي للهاشميين والعرب والمسلمين أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى النبي العربي الهاشمي محمد صلى الله عليه وسلم، وهي عندي أمانة ووديعة حملها الهاشميون..... "
وهذا ما أكده الملك عبد الله الثاني والذي رفع راية القدس في كل المحافل الدولية
وجدتني اجيب ان عمان هي من اعز المدن واغلى المواقع وان الهاشميين هم أصحاب الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة المسيحية والاسلامية.
الأردن بالنسبة لنا هو الامن والامان واستراحة محارب قبل العودة إلى ساحة المعركة اليومية في بيت المقدس، فرغم حبنا الكبير لعمان إلا أن عشق القدس اقوى ، ومهما طال الغياب في عمان الحبيبة لا بد ان نعود الى حضن القدس .
ولهذا فإننا نقول دائما حمى الله الأردن ، وحفظ الله ملك البلاد جلالة الملك عبد الله الثاني.
وللحديث بقية ..
طالما أن في العمر بقية.