• 23 نيسان 2020
  • حارات مقدسية

 

 القدس – أخبار البلد – يسعدنا في شبكة " أخبار البلد" ان تخصص زاوية حارات القدس  للحديث بمزيد من التفاصيل عن تلك الحارات والازقة والاحياء،  ، وان ننعش ذاكرة  رجالات القدس ومن عاش الزمن الجميل، وان تغذي ذاكرة الأجيال الحالية ، وان تخط ورقة في كتاب  تاريخ القدس  لأجيال المستقبل .

وذلك من خلال الباحث الشيخ "مازن اهرام " الذي يعتبر من اكثر العارفين بالقدس وجوامعها وازقتها واوقافها وتاريخا،  فهو امضى عشرات السنين يتنقل بين الجوامع والمساجد القائمة منها وغير القائمة والتي اختفت شعائرها ، او تلك التي تم الاستيلاء عليها وتحويلها لأغراض أخرى غير العبادة ، ما يميز الشيخ "اهرام "غزارة المعلومات وكرمه في مشاركة هذه المعلومات لكل باحث وطالب ،وللحقيقة نقول انه قمة في التواضع وهذه من صفات الصادقين والعارفين العالمين .

 الباحث المقدسي الأصيل "مازن اهرام " سيطل على قراء " أخبار البلد"  من خلال هذه الزاوية بمعلومات غنية مثيرة هي ثمرة جهد عشرات السنين ومئات ساعات البحث ومثلها ساعات من المقابلات والاحاديث مع الخبراء  والأساتذة في القدس  . وستكون البداية مع حارة باب حطة 

بقلم : مازن اهرام

ان النسيج العمراني للمدينة القديمة مهدد بسبب الاكتظاظ وقلة الصيانة وسوء الخدمات.  ومن هنا تنبع أهمية دراسة احياء  القدس القديمة للحفاظ على التراث والتاريخ  وخلق نوعية حياة أفضل لسكانها.  ورفع مستوى الوعي العلمي للمقدسين.

البحث عن القدس بالعودة إلى تاريخها العريق وعن الحضارات التي مرّت عبر ازمنة مختلفة تركة بصمة  في تاريخ القدس الغني من الفرس والرومان والعرب والفاطميّين والسلاجقة والصليبيين والمماليك. والعثمانيين  والذين يعود لهم إبقاء القدس على صورتها التي وصلت لنا وهي احلى صور، وخير دليل على ذلك سور القدس الذي بني على يد سلطان السلاطين العثمانيين سليمان القانوني ،  والذي يضم سبعة أبواب   وتشمل أربعة وبين جنبات السور هناك العديد من الاحياء التي تمثل الفسيفساء الاجتماعية المميزة للمجتمع المقدسي  .

كذلك نجد في الوقت الحالي أربع حارات رئيسية تقسم البلدة القديمة : حارة النصارى الواقعة غرب البلدة القديمة والتي في ذات الوقت إلى جانب طابعها المسيحي إلا أنها لا تخلو من وجود أملاك إسلامية، الحي اليهودي (حارة الشرف) الواقع في جنوب شرق البلدة القديمة، الحي الأرمني وهو أصغر أحياء البلدة القديمة ويقع في الجهة الغربية للبلدة القديمة، وآخرها الحي الإسلامي الواقع في الجهة الشمالية الشرقية للبلدة وهو أكبر الأحياء ويتميز أيضاً بوجود بعض الأملاك المسيحية فيه. عند الولوج  عبر التاريخ  وبين حارات البلدة القديمة  وأحيائها وأزقتها  وشوارعها المرصوفة  بحجارتها  نجد أن كل زاوية ودرب  وزقاق حكاية وقصة .  

 واليكم أولى الحكايات ، انها حكاية باب حطة :

المعنى اللغوي:

حطّة

الحَطّ إنزال الشيء من عُلْوٍ، وقد حَطَطت الرَّحْل: إذا أنزلته .و «باب حِطّة» مصطلح منتزع من القرآن الكريم، يُقصد به ـ كما في الروايات التي تناقلتها الموسوعات الحديثية الإسلاميّة ـ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام والأئمّة الأطهار عليهم السّلام . وأصله ما ورد في سورة البقرة، الآية 58، خطاباً لبني إسرائيل: ( وإذ قُلنا ادخُلوا هذه القريةَ فكُلوا منها حيثُ شِئتم رَغَداً وادْخُلُوا البابَ سُجَّداً وقولوا حِطّة نَغفِرْ لكم خطاياكم ).حيث أُمِروا أن يقولوا كلمةً ليحطّ الله عنهم أوزارهم، لكنّهم بدّلوا غير الذي قيل لهم . وروى أبو ذرّ الغفاري وأبو سعيد الخُدري وابن عبّاس، عن النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله أنّه قال: «إنمّا مَثَلُ أهل بيتي في أمّتي مَثَلُ باب حطّة في بني إسرائيل: مَن دخله نجا، ومَن لم يدخله هلك» .وفي رواية أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام قال: «هؤلاء بنو إسرائيل نُصِب لهم بابُ حطّة، وأنتم ـ يا معشَر أمّة محمّد ـ نُصب لكم باب حطّة: أهل بيت محمّد عليهم السّلام، وأُمرتم باتّباع هُداهم ولُزوم طريقتهم ليغفر لكم بذلك خطاياكم وذنوبكم، وليزداد المحسنون منكم، وباب حطّتكم أفضل من باب حطّتهم...».ورُوي عن الإمام الباقر عليه السّلام في قوله تعالى: ( وقولوا حطّة نغفرْ لكم خطاياكم ) قال: نحن باب حطّتكم . وباب حطة من أقدم أبواب المسجد الأقصى المبارك, يقع على جداره الشمالي بين بابي الأسباط وفيصل، جدد في الفترة الأيوبية زمن السلطان الملك المعظم شرف الدين عيسى عام 617هـ -1220م، ولا يعرف أول من بناه، وإن كان بعض العلماء قد نص على أنه كان موجوداً قبل دخول بني إسرائيل إلى الأرض المقدسة، للآية الكريمة (وادخلوا الباب سجداً وقولوا حطة)، غير أنه لا يوجد دليل على أنه الباب المذكور في الآية

حارة باب حطة:

 أحد حارات الحي الإسلامي في البلدة القديمة لمدينة القدس. وهي إحدى المنافذ إلى المسجد الأقصى وبها اثار من العصر الايوبي، كذلك يوجد بها الصلاحية التي قام بانشائها صلاح الدين الأيوبي كمجمع علمي خرّج كثير من العلماء في القدس. وباب حطة من أقدم أبواب المسجد الأقصى، يقع على جداره الشمالي بين باب الأسباط وفيصل، جدد في الفترة الأيوبية زمن السلطان الملك شرف الدين عيسى عام1220

يذكر أن حي باب حطة، يحوي 40 محلا تجاريا

الموقع:

يقع باب حطة  في الحائط الشمالي من سور المسجد ، وهو الواقع بين مئذنة باب الأسباط وباب فيصل . وهو أقدم أبواب ‫الأقصى فهو أموي البناء وكان أصل الباب مزدوجا وأن القسم الغربي منه قد أغلق على الأغلب حينما تم بناء التربة الأوحدية (697هجرية/1298م) المجاورة للباب.

يقع في الرواق الشمالي حوالي 120م من باب الأسباط ، جدد الباب عام 617ه‍_1220م في أيام الأيوبيين.  جدد أيام العثمانيين عام 989ه‍-1581م. جدد على يد حسن آغا عام 1231ه‍-1816م

سمي لذكرى الآية الكريمة (..و ادخلوا الباب سجداً وقولوا حطة نغفر  لكم خطاياكم و سنزيد المحسنين)

الوصف العام:
هذا الباب بسيط البناء، محكم الصنعة، مدخله مستطيل، وتعلوه مجموعة من العلاقات الحجرية، كانت فيما مضى تستخدم لتعليق القناديل. استشعر الباب الآية الكريمة فداخل المسجد ينزل درجاً ويحد عن يمينه وشماله مسطبتان(مكسلتان ) عليهما محاريب للصلاة وللخروج من الباب يجب صعود عدة درجات؛ وذلك من أجل تمثل الآية بالخضوع، ثم صلاة ركعتين عند محاريبه فوق

استناداً إلى كتاب مناسك القدس الشريف ليحيى الدنف فإن الدخول للمسجد في الفترة العثمانية كان عبر باب حطة. في التجديد الأيوبي يظهر استخدامهم لبعض أحجار الصليبيين التي عليها أختام الحجارين باللغة اللاتينية. يفتح باب حطة إلى حارة عربية إسلامية في القدس هي “حارة السعدية

أما تاريخ ترميم الباب فيعود للفترة الأيوبية في عام 617هجرية/1220م

 سبب التسمية:

يقول مجير الدين الحنبلي عن الباب: هذا الباب هو الذي ورد فيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ : قيل لموسى عليه السلام: قل لبني إسرائيل ( ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم) فبدلوا ودخلوا الباب يزحفون على أستاههم

وعن ابن عباس في قوله تعالى ( واذا قلنا ادخلوا هذه القرية – يريد بيت المقدس – فكلوا منها حيث شئتم رغدا – يريد ﻻ حساب عليكم – وادخلوا الباب – يريد باب بيت المقدس – سجدا – لله تعالى – وقولوا حطة – يريد ﻻ إله إلا الله لأنها تحط الذنوب – فبدل الذين ظلموا قوﻻ غير الذي قيل لهم – قالوا بالعبرانية حبة سوداء ويريدون بها الحنطة – فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء – عذابا – بما كانوا يفسقون

وقد نقلت عن دونة  الدكتور خضر عباس عن عائلات بيت المقدس  في مقالته:

قد شكل سكان القدس عصب وعصبية هذا التاريخ، فالعصبية كما ذكر ابن خلدون في مقدمته، عامل أساس في بناء المجد السياسي، وفي إقامة الدول.. ثم زوالها بعد ركون أصحابها إلى الخمول والكسل، وزوال عامل التعاضد والتناصر بين رجالاتها..ولهذا شكلت العصبية بين السكان الفلسطينيين مجال حماية على التراث والحضارة والتاريخ والمقدسات في القدس..حيث كما ميز الله سبحانه وتعالى بيت المقدس عن غيرها من عواصم العالم في النواحي التاريخية والدينية والسياسية، وميزها بتراثها وفنونها المعمارية ومبانيها الشامخة بمقدساتها الإسلامية وبتاريخها العريق.. ميز عائلتها وأسرها الشريفة والعريقة.. فكانت عائلات القدس من أشرف العائلات وأعرقها وأنبلها على الإطلاق..فمن عائلاتها من سكن بيت المقدس للمرابطة في الحرم القدسي الشريف للتقرب إلى الله تعالى، فتركوا لنا تاريخا مشرفا وأثارا تاريخية عريقة غنية عن التعريف, ومنهم من دخلوها فاتحين مع الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه عام 15 هـ, ومنهم من دخلوها محررين مع الناصر صلاح الدين الايوبي رحمه الله عام 583 هـ، ومنهم من هاجر اليها وسكنها بعد الفتح والتحرير تبركا بها..وقد عمدت هذه الأسر العريقة في القدس، مجدها بالمحافظة عليه على أساس من الجهاد والعلم والمال، واقترنت بالزعامة القائمة على العمل الزاهر والكرم الباهر والأعمال الحميدة، وكانوا جميعا نعم الجار ونعم المجير

وقد تسامحت المدينة كما هي طبيعتها، فضمت بين أحضانها جميع الملل والنحل، من كل مله ودين، فكان فيها المسلم مع المسيحي مع اليهودي جنبا إلى جنب، دون تعصب أو تحيز أو عنصرية، رغم أن الأكثرية الساحقة دوما من سكان مدينة القدس، كانت تتألف من المسلمين العرب، حيث وفدوا إليها جهادا وحبا وتبركا بها من أقطار إسلامية وعربية مختلفة، كالمغرب ومصر وسوريا والعراق وغيرها من دول أسيا وأفريقيا

كما أشار الباحث  خليل العسلي  في أخبار البلد :

وباب حطة كانت مكان إقامة العائلات المقدسية ذات النفوذ السياسي والاجتماعي قبل أن ترحل وتغادر إلى القدس الغربية بعد الحرب العالمية الأولى قاصدة التوسع والبناء ذو الرفاهية العالية

وكان شباب باب حطة أيضا وعائلاتها من الذين يعدون لبيرق القدس في احتفالات النبي موسى عليه السلام هذا البيرق الذي تشارك فيه كافة أحياء وحارات القدس ويكون أول الواصلين إلى رأس العمود قبل أن تصل بيارق يافا وحيفا ونابلس والخليل وغيرها من المدن الاخرى للانطلاق نحو مقام النبي موسى والذي كان قد رسمه الناصر صلاح الدين وأن الحاج أمين الحسيني زعيم فلسطين في ذلك الوقت استغل هذا الموسم لتصعيد المقاومة ضد الاستعمار البريطاني والعصابات الصهيونية في هذا الموسم الذي يستمر أسبوعا في كثير من الأحيان وإن كان الإعداد له يقتضي أيام أخر إذ أنه لايقصد منه الهدف الديني فقط وإنما أيضا إقتصاديا وإجتماعيا كما أن لأهالي باب حطة مشاركات فاعلة في النجدات التي تقصد القرى المحيطة بالقدس التي تعتدي عليها العصابات الصهيونية المدعومة من الانتداب البريطاني وأن هؤلاء الأهالي قد شاركوا القائد عبدالقادر الحسيني في إعادة القسطل والقرى المحيطة بها إلا أن استشهاده بعد إعادتها انشغل المجاهدون بجنازته فعاودت العصابات الصهيونية إلى القسطل ولفتا وباب الواد كما كانت لهم مناوبات مستمره على أسوار القدس

وباب حطة كانت منذ زمن بعيد تحوي على سوق صغير وعشرات المحلات التجارية الصغيرة التي تبيع كافة أنواع المأكولات الشعبية وأهمها الفول والفلافل والحمص والألبان وجميع أنواع الخضار والفاكهة والبقاليات وثلاث أفران تعد كعك القدس المعروف ومحلات أخرى تقدم الخدمات مثل تعمير بوابير الكاز قبل ان يعرف الغاز المنزلي وتنظيف وكي الملابس وتبيض الاواني والحلل النحاسية كما يميز باب حطة أيضا كباقي الحارات الأخرى وجود المقاهي الشعبية حيث أن هذه المقاهي كانت تقام فيها المهرجانات السياسية التي تتبارى بها الأحزاب وخاصة في الحملات الإنتخابية والأفراح إذ أن العرسان كانوا ينطلقون مع أصدقائهم وأقربائهم وأهالي الحي من هذه المقاهي إلى المسجد الأقصى لأداء صلاة العشاء ومن ثم تنظيم زفة العريس والتوجه إلى بيت أهل العروس لنقلها إلى بيت عائلة العريس لإقامة الإحتفال هناك حيث أن هذه المقاهي كانت تشهد الخطوبة في كثير من الأحيان وقراءة الفاتحة

ويعتبر شهر رمضان من أهم المناسبات التي تقيمها الحارة والموالد النبوية الشريفة وذكرى الإسراء والمعراج وذكرى السنة الهجرية الشريفة وباقي المناسبات الدينية والوطنية

ومن أهم هذه المقاهي مقهى أبو الحلاوة الذي يقع في باب الحارة ، ومقهى علون الذي يعتبر الأكثر شهرة والذي شهد أهم المناسبات السياسية والاجتماعية ومناسبات الأفراح ، وربما الأحزان في بعض الوقت والذي أعرفه عن هذا المقهى في المجال السياسي أنه كان مكانا مميزا ومقربا لمرشحي الإنتخابات في العهد الأردني وأن صالتيه الداخلية ثم الخارجية التي تفتح صيفا كانتا تكتظ بالمشاركين والمستمعين لأي مرشح وأنصاره وكانت تستمر هذه المعركة تقريبا لفترة تزيد عن شهر حيث كانت لنا فيها مناسبة كأطفال شرب كؤوس اللمونادة التي توزعها القهوة كما تسمى عاده على الحاضرين على حساب المرشح وأنصاره وهذه هي المناسبة الاكثر حرية لنا لدخول المقهى مع انني لا اعرف يوما منعنا من دخوله لنشرب كؤوس الماء وخاصة في فصل الصيف و كأطفال كنا دوما نتحلق على شبابيك المقهى التي كانت لا ترتفع عن الأرض أكثر من متر بحيث كنا نستطيع أن نشاهد ونسمع ما يقوله الحكواتي ويردده المنشدون وما يقوله السياسيون والمرشحون ونردد شعارات كل من رفع صوته

ومما ورد على مقهى علون أبو ناجي من نوادر بشأن المعارك الإنتخابية والفوز بقائمة القدس أنه في إحدى السنوات كان من ترشح عن المدينة الشيخ عبد الغني كاملة وهو محامي مفوه وقدير كما كان في ذلك الوقت خطيبا للمسجد الأقصى أما خصمه فقد كان المحامي أنور الخطيب الذي شغل منصب محافظ المدينة عندما دخلها الاحتلال

وفي اليوم التالي لإعلان نتيجة الإنتخابات التي فاز بها أنور الخطيب فوجئ رواد المقهى بدخول الشيخ عبد الغني ودون سلام أو كلام ، إعتلى كرسيا قصيرا وقال في المتحلقين حوله أيها الشعب المذبذب لو علمت أن الشعب مذبذبا لما رشحت نفسي في البرلمان

شربتم ليموني ولم تنتخبوني ، أكلتم من خيري وانتخبتم غيري ، وذهبت هذه الكلمات بعد ذلك مثلا وتندرا

وباب حطة كانت بالنسبة للحارات القديمة كبيرة بعض الشيء ولذلك فقد كان يتولها مختاران الحاج شاهين والحاج الأرناؤوط وكان بالرغم من أن الأول صاحب مطعم في سوق اللحامين والثاني صاحب بقالة فقد كانا من سدنة المسجد الأقصى ويؤديان بالتناوب آذان الصلوات وكان أهالي البلدة القديمة يطربون لسماع التذكير وآذان الفجر من صوتيهما وخاصه فجر الليالي الرمضانيه

حيث أن الكثيرين دوما يتسابقون ولا زالوا على شرف خدمة المسجد الأقصى ولا يبرحون هذه الخدمة حتى الوفاة

ويروى قبل سنوات أن أحد أبناء المختار الأرناؤوط تقدم بطلب عمل لدى دائرة الأوقاف لخدمة أحد مواقع الحرم القدسي إلا أنه رفض طلبه وعندما قدم حجة تركية أمام المحكمة الشرعية تفيد بان جده قد عين مؤذنا في المسجد الأقصى وتضمنت هذه الوثيقة أيضا أن هذه الخدمة له ولأحد أبنائه ولأحفاده من بعده تم تعينه حارسا في متحف المسجد الاقصى مع الإشارة هنا إلى أن أئمة وخدم وسدنة الحرم يحملون مثل هذه الفرمانات  

 ومن الذين سكنوا في حارة حطة بالقدس  

عشيرة "الدوم" التي جاءت مع جيش صلاح الدين الأيوبي إلى القدس لخبرتها في صناعة أدوات الحرب وحدوات الخيول، لكنها باتت تعاني من ويلات الاحتلال والعنصرية

تنحدر أصول عشيرة الدوم من الهند وقد هاجرت قبل 3000 عام وتفرقت في شرق الدنيا وغربها نحو أوروبا ومصر والعراق وإيران وبلاد الشام، لكن تركيز أفرادها الأقل اليوم بات في فلسطين، حيث يوجد في مدينة القدس نحو 3000 نسمة،

يعتنق الدوم في بلاد الشام وفلسطين الإسلام ويحتفظ كبارهم بلغة "الدومري" الخاصة بهم والتي يتهددها الانقراض بسبب إهمالها وانحصارها في الجيل القديم الذي يسعى جاهدا للحفاظ على تاريخه وموروثه، فقد اشتهر الدوم قديما بأنهم باعة متجولون، وبامتهانهم للحدادة وصناعة أدوات الحرب وأدوات الطعام والأسنان المستعارة المعدنية، كما عُرف رجالهم بالاهتمام بكمال أجسامهم وقوتها، ونساؤهم بالرقص والغناء التراثي وحياكة الأثواب التقليدية ذات الألوان المبهجة

وتسرد إحدى نساء الدوم  ذكرياتها في أزقة طريق برج اللقلق وحارة باب حطة كباقي أفراد عشيرة الدوم في القدس حيث يتركز وجودهم في البلدة القديمة امتدادا من باب الأسباط وحارة باب حطة حتى برج اللقلق في ما يُعرف بحارة "النَوَر"، وتضيف "أشعر بالغربة أثناء مروري في الأزقة التي عشت فيها لسنين،

سبيل باب حطة:" والذي يقع على يسار الدرج المؤدي إلى مطهرة باب حطة. شمال المسجد الأقصى

 الوصف المعماري :

سبيل باب حطة، سمي بذلك حسب موقعه حيث أنه يقع كتجويف داخل الجدار الشرقي لباب حطة. شمال المسجد الأقصى المبارك، شمال قبة الصخرة، تم إنشاؤه في زمن العثمانيين وتمت إعادة ترميمه من قبل مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية أثناء بنائها لوحدة المراحيض القريبة مؤخراً، ثم ألغي نهائيا بعد ذلكسبيل بسيط التكوين من عقد مدبب يغطي حوض السبيل وفوق القوس توجد زخرفة أسنان الفرس، التي تميز المباني العثمانية

الواقف:

أوقف علي جار الله ابن مفتي القدس السبيل عام 1060 هـ/ 1650 م حيث توجد أملاك كثيرة تعود لعائلة جار الله بين بابي حطة وشرف الأنبياء

رممته مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية أثناء بنائها لوحدة المراحيض القريبة مؤخراً ثم ألغي نهائيا بعد ذلك

وإلى الشرق من باب حطة، توجد مطهرة أو متوضأ  باب حطة، والتي لم تكن مطهرة في أصلها، وإنما سمح الإمام الشنتميطي باستعمالها كذلك منذ أواخر العهد العثماني، ثم جددت في أواخر سنوات السبعينيات من القرن العشرين الميلادي، وجددت مرة أخرى بعد هدمها على يد أعضاء مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية في سنة 1416هـ -1996م، وذلك برعاية ومباركة دائرة الأوقاف الإسلامية، وهي مطهرة النساء في المسجد الأقصى المبارك الآن

برج اللقلق:

يقع برج اللقلق في الزاوية الشمالية الشرقية من سور القدس. ويعود هذا البرج في بنائه الحالي، إلى سنة 945هـ/ 1358- 1359م، كما يتبين من النقش الكتابي الحجري المعلق في سور القدس، أسفل البرج، حيث يشير إلى أن بناء هذا القسم من السور قد تم في هذه السنة.

ومن المعروف أن العثمانيين قاموا، في عهد السلطان سليمان القانوني، بإعادة بناء سور القدس، وتجديد القسم العلوي منه. وقد استمرت أعمال العمارة تلك خمس سنوات تقريباً، بين سنتي 943و 947هـ/1536و 1540م. وأما من حيث تأسيس هذا البرج، فإنه قد يرجع إلى فترة أقدم من العصر العثماني، خاصة إذا علمنا أنه كان لسور القدس الكثير من الأبراج التي تدعمه وتقويه، وأن معظم هذه الأبراج غير موجود الآن، باستثناء القليل منها. ومن المعروف أن الأيوبيين، بعد فتح القدس في سنة 583هـ/1187م، قاموا بإعادة بناء سور القدس، وتقويته، وتدعيمه، وحفروا خندقاً حوله، وعملوا على تقوية الأبراج القائمة، وأضافوا أبراجاً أخرى. ومهما يكن من أمر، فإن الطابع المعماري الذي يسود بناء هذا البرج الآن، هو الطابع المعماري الذي كان سائداً في العصر العثماني

ويتكون هذا البرج من طابقين من البناء، ويتم الوصول إليهما عبر مدخل غربي صغير، بسيط التكوين، ويؤدي إلى ممر ينعطف إلى جهة اليسار، وهو ممر مستطيل الشكل. يغطيه شبه قبو نصف برميلي. ثم ينعطف هذا الممر إلى جهة اليمين، حيث الطابق الأول من البرج، وهو عبارة عن غرفة شبه مربعة، تتصف جدرانها بالضخامة، وتشكل الجدران الشمالية والشرقية والجنوبية منها أقساماً من سور القدس، حيث أن البرج يلاصق السور. وتشاهد في هذه الجدران الثلاثة، المزاغل اللازمة لرمي السهام، على غرار ما هو موجود في السور. وهي فتحات طولية الشكل، تتيح للفارس أن يدافع عن المدينة، وهو محمي من سهام الأعداء. وأما الجدار الغربي من الغرفة، فتقوم هناك قاعة صغيرة تشبه الإيوان، إضافة إلى المدخل

ويغطي هذا القسم من البرج قبو متقاطع. وأما الطابق الثاني، فهو عبارة عن ساحة مكشوفة، ويتم الوصول إليها عن طريق السلم الحجري المقابل لمدخل البرج الغربي الآنف الذكر. ويؤدي إلى ساحة مكشوفة، تحيط بها نهايات ارتفاع السور من الجهات الشمالية والشرقية والجنوبية، وجدار في الناحية الغربية. ويبلغ ارتفاع هذه النهايات والجدار، فوق أرضية الساحة المكشوفة، قرابة قامة الرجل. وهي عبارة عن استحكامات تتيح للجنود الوقوف، ومراقبة تحركات العدو المحيط بالمدينة. وتتصل الساحة المكشوفة بالممر العلوي القائم في سور القدس، ويدور الممر مع دوران السور، وذلك عن طريق المدخل البسيط القائم في الجهة الغربية الشمالية منها 

ويعتقد أن بناء البرج يأتي ضمن المشروع الصلاحي -صلاح الدين الأيوبي- لتحصين مدينة القدس في 587 هجري- 1187م، وأنه يُطل على أماكن حساسة، كانت تشكل نقطة ضعف في سور المدينة، وبالتالي الوظيفة المعمارية للبرج كانت للحماية والتحصين

صفات البرج الزخرفية

للبرج أربع واجهات، أشهرها الواجهتان الشمالية والشرقية اللتان تضمان مجموعة من الزخارف الهندسية والنباتية المكونة من مجموعة من الدوائر الحجرية وبعض  المزاغل. وهناك زخرفة حجرية كبيرة، تتألف من محارة، يشع منها عشرين ضلعا مجوفا تنبثق من فص حجري بارز ذو أضلاع مجدولة.  ويتكون البرج من طابقين يتم الوصول إليهما عبر مدخل صغير بسيط التكوين من جهة الغرب والطابق الأول من البرج، يتشكل من غرفة شبه مربعة جدرانها الشمالية والشرقية والجنوبية هي جزء من سور المدينة وفيها طاقات طولية الشكل للرماية.

و أن البرج يُطل على عدة أماكن هامة، وهي المتحف الفلسطيني الذي يعرف اليوم بـ"روكفلر"، وعلى منطقة كانت تسمى قديما بسوق الجمعة، الذي كان يختص ببيع الأغنام والمواشي، وكذلك على المقبرة اليوسفية وعلى أرض البرج والمساحة الممتدة داخل البلدة القديمة يقع مركز برج اللقلق، إذ تصل مساحته إلى 9 دونمات

يعد "برج اللقلق" من أشهر معالم القدس ويقع في الزاوية الشمالية - الشرقية لسور المدينة المقدسة، وهو إمتداد لحارة حطة