• 27 تشرين الثاني 2023
  • أقلام مقدسية

 

بقلم : عزام توفيق ابو السعود

 

منظر أكوام الركام في غزة ، والمباني المهدمة أعاد بي الذاكرة الى أربعين سنة أو أقل قليلا ، والى منظر بيروت بعد أن دمرها الطيران الإسرائيلي وخاصة في وسطها. 

كما تسعفني الذاكرة فقد كان هناك عطاء في بيروت لإزالة الركام من منطقة ساحة البرج وغيرها من الأماكن، وعندما تم فتح العطاء، كانت أسعار المقاولين جميعهم بعشرات الملايين من الدولارات، إلا عطاء واحد، كان سعره دولار واحد فقط لإزالة الركام .. كان هذا العطاء يوحي بأنه " مزحة" أو " نكتة" أو عطاء يتسم " بالسخرية " ولكن هذا العطاء كان موقعا من شخصية لبنانية ثرية تعيش في السعودية، ويعرفه اللبنانيون كرجل من صيدا خدم المدينة وكان يتبرع لتعليم أبناء صيدا المحتاجين، وعرفه الطلبة اللبنانيون كما عرفته أنا : عضوا بارزا في اتحاد الطلبة اللبنانيين في نهاية السينات من القرن المنصرم.

عرض الشركة التي كان يملكها ويديرها رفيق الحريري وشركاؤه من أمراء السعودية، كان يشترط منحه جزء بسيط من شاطئ بيروت ليرمي الركام بها، ويمتد بالركام داخل البحر، فتكسب بيروت مساحة إضافية من البحر يعطي ثلث هذه المساحة للجيش اللبناني، وثلثها الآخر لإقامة منطقة خدماتية تفيد المدينة، والثلث الأخيرة للشركة صاحبة العطاء لتقيم عليه مشاريع سياحية!!  وهكذا حصل ! وقد حضرت شخصيا أحد الاجتماعات الإقتصادية في أضخم قاعة مؤتمرات رأيتها وعلى تلك الأرض المكتسبة والمقامة على بقايا ركام وسط بيروت ، وكان المؤتمر بتنظيم من الأمم المتحدة عام 2005.

حاول أحد المهندسين بأن يقنع ياسر عرفات قبل ربع قرن بأن يفعل ما فعله الحريري في ردم جزء من البحر بركام غزة في ذلك الوقت، مقنعا اياه بأنه بذلك سيضع الأساس لميناء غزة على الأرض لمكتسبة من البحر، لكن المشروع فشل فشلا ذريعا، لأنه كان غير مدروس جيدا لا هندسيا ولا جيولوجيا في علوم البحار.

هل سنجد الآن شركة مقاولات غزاوية، أو فلسطينية أو حتى عربية ، تضم خبرات هندسية متكاملة ، وضمن مشروع مدروس جيدا، ماليا وهندسيا وعلميا ، ليقوموا بما قامت به شركة "أوجيه" أو شركة الحريري أو رفيق الحريري رحمه الله  شخصيا من مزج للوطنية والإقتصاد والربحية والخدمة العامة ، وتدخل الى بحر غزة بأكوام من ركام غزة، لتكسب غزة وتزيد مساحتها كيلومترا أو كيلومترين مربعين ؟ وربما أكثر ,, صدقوني ستكسب غزة وسنحاول التضييق من نسبة البطالة وسنزيد من تشغيل عمالنا ونعيد الحركة الإقتصادية دون ان نكون رهينة للإقتصاد والسياسة الاسرائيلية ؟ 

هل سنجد "رفيق حريري "غزاوي يقود هذا المشروع؟ نعم لدى أهل غزة العلم والكفاءة والقدرة والتصميم والصبر وعمل المستحيلات، لقد رأيناهم في الشهرين الماضيين وتعلمنا منهم أن نكون رجالا , ذو فكر وعزم ، وأن نصنع من لا شيء كل شيْ!!!