- 3 نيسان 2024
- أقلام مقدسية
بقلم حازم القواسمي
لم أكن أتوقع في حياتي هذا الكم من الشرّ الموجود في هذا العالم، إلا عندما عشت هذه الأيام العصيبة من الحرب العدوانية الكونية على أهلنا في قطاع غزة. كنت أعلم أن في العالم خير وشر، وناس طيبين وناس أشرار، ونعلم كم حصل في التاريخ من حروب دموية بين الشعوب والقبائل، ولم تتوقف الحروب منذ 3000 حتى يومنا هذا. إلا أنّ ما نشهده هذا اليوم من إجرام على يد الصهاينة لم نتوقع أن يحصل في عصرنا هذا، خاصة وأننا توقعنا أن زمن الهمجية والدموية وارتكاب الفظائع ضد الأبرياء قد انتهى بلا رجعة. إلا أننا اكتشفنا أننا مخطئون وأننا ما زلنا نعيش هذه الهمجية والبربرية والانحطاط الأخلاقي العالمي. هذا العالم ما زال عديم الإنسانية لا يرحم الضعفاء.
اليهود الصهاينة رأس الشر في هذا العالم. يخططون ويدبرون ويحشدون ليل نهار في السيطرة على المال والسياسة والإعلام. لا يتركون حاكما من شرّهم، ولا برلمان غربي أو برلمان لقوة عظمى إلا ويسعون للسيطرة عليه. كما سيطروا على حكام ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا وعلى حكام عشرات الدول، وعلى الأغلب يكون لهم ضلع في تعيينهم، كما يفعلون بشكل واضح وصريح في الانتخابات الأمريكية وتوفير الدعم المالي الهائل بالمليارات من أجل إنجاح المرشح المتوافق مع أجندتهم الصهوينية. أما الحكام العرب، فيا حسرة عليهم وعلينا، فهم اللقمة السائغة والسهلة التي يأكلونها أكلا، فلا أحد يستطيع أن يقف في وجههم، حتى لو أراد ذلك مثل القائد صدام حسين، بسبب قوتهم في التحكم في السياسة العالمية وتحالفهم العضوي مع أقوى دولة في العالم وهي الولايات المتحدة. هكذا هم اليهود الصهاينة، يتملقون للقوى العظمى حتى يستطيعون تحقيق أهدافهم من خلالها والاستقواء على الشعوب والدول الضعيفة. لا يهمهم كثيراً تأييد الشعوب الغربية لأنه أصعب عليهم وتأخذ وقتا أطول بكثير من العمل فقط على السيطرة على الطبقة الحاكمة في الغرب وأينما تطال يدهم في العالم.
معروف عن تاريخ اليهود أنهم يركضون وراء المال لأنه يعطيهم القوة والتحكم بالغير.فاليوم، يوجد عائلة يهودية واحدة، هي عائلة روتشيلد، تتحكم بكل مال العالم وتخضعه من أجل خدمة الصهيونية. ويستخدم الصهاينة واللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة المال من أجل شراء ذمم السياسيين ورشوتهم وتوريطهم في أوسخ المؤامرات السياسية حتى لا يقدر أي سياسي الخروج عن طوعهم وإرادتهم. بالرغم أن هناك شعوب وقوميات وجماعات أخرى لديها المال وربما أكثر مما يمتلك الصهاينة مثل الدول العربية في الخليج التي تنام على بحيرات من النفط والغاز منذ عقود، إلا أن الذكاء والدهاء والخبث الذي يتمتع به الصهاينة في مسارب صرف الأموال لصالح قضاياهم لا يضاهيهم به أحد. ولا أريد أن أقول أين يصرف حكام الخليج أموالهم، فكلّنا يعرف ذلك، وأسوأ ما في الأمر أن كثير من هذا المال يصرف في قتل العرب والتفريق بينهم بدل تجميعهم ورفعة شأنهم وتقدمهم وازدهارهم.
كما اشتهر اليهود الصهاينة في السيطرة على الإعلام العالمي، من خلال تأسيس وشراء القنوات الإعلامية الأشهر في الولايات المتحدة وأوروبا، حتى لا ينتقدهم أحد وحتى ينشروا سمومهم وآرائهم بين مواطني الدول العظمى ويتحكموا بهم كما يتحكموا بالريموت كونترول. فمن خلال الاعلام والمال يتحكم الصهاينة في الاقتصاد الغربي وقضاياه الاجتماعية وصناعاته التكنولوجية والعسكرية واختراعاته العلمية ويحددون من يأخذ جائزة نوبل ومن يحصل على كل الجوائز العالمية الفنية والثقافية وغيرها. وبالرغم من أنّ الانترنت وبرامج التواصل الاجتماعي أعطى فرصة للضعفاء والفقراء في العالم ليتنفسوا إعلاميا ولو قليلا، إلى أن الصهاينة الذين اخترعوا تلك البرامج والمواقع ما زالوا يسيطرون عليها وقادرين على توجيه الدفة لصالحهم من خلال برامج جديدة أو اختراعات أحدث.
أما نحن الفلسطينيون الذي نحاول ان نواجه كل هذا الخبث والشر الصهيوني المطلق لأن القدر رماهم في وجهنا واحتلوا أرضنا وهجّروا شعبنا، فنحن لسنا فقط طيبون وبسطاء وسذّج بل نحن أيضاً وقعنا في الفخ الصهيوني الذي نجح في تفريقنا وبث النزاع بين الأخ وأخوه، والتفريق أيضاً بيننا وبين إخوتنا العرب الذي أصبحوا يتزاحمون منذ سنين طويلة للتطبيع مع هذا العدو والوقوف معه ودعمه وتأييده في السرّ والعلن. وبعد الحرب العدوانية على قطاع غزة، تكشّف كل شيء ولم يعد هناك الكثير من الأسرار فتكالب حكام الغرب علينا وركضوا من دولهم لتأييد الهمجية والبربرية الصهيونية التي لم ترحم الحجر ولا البشر في غزة، ولم ترحم النساء ولا الأطفال الرضّع. وقف الغرب المستعمر ضد الإنسان الفلسطيني فقط لأنه يريد ان يعيش حرّا. وقفوا مع الطاغوت وكل قيم الشرّ والعدوانية ضد كل ما هو طيب وضد قيم الحرية والعدالة والإنسانية. ويتساءل سائل: نحن مين لنوقف ضد الصهيونية وكل ما ذكرناه عنهم وعن خبثهم وشرورهم التي لا تقف عند أي حد. لكننا وقفنا في وجههم مائة عام، ضدهم وضد كل مؤامراتهم التي لا تتوقف لحظة واحدة في فلسطين وفي كل دولة عربية وفي كل دول الغرب.. "وقفت بوجه ظلّامي .. يتيما عارياً حافي" كم قال الشاعر العظيم توفيق زياد. نعم نحن في فلسطين لا نملك المال الوفير والثروات ومليارات الدولارات، ولا نملك وسائل الإعلام ذات الأثر العالمي، ولا يقف حكام العرب وحكام الغرب في صفنا، إلا أننا نملك الإرادة والقضية، ونعرف أننا على حق، ونعرف أن هذه أرضنا وسوف نستيعدها، وسوف نستعيد القدس، شاء من شاء وأبى من أبى. وإنا لمنتصرون.