- 2 آيار 2025
- أقلام مقدسية
بقلم : د. حسين الديك
كان للمطالبات التي قدمتها الكثير من مؤسسات المجتمع المدني والكثير من الخبراء والنشطاء في قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان والانتخابات خلال السنوات الماضية حول ضرورة اجراء تعديلات جذرية في قانون الانتخابات المحلية رقم 10 لسنة 2005م صدى لدى صناع القرار في السلطة الوطنية الفلسطينية، فقد تم تنظيم جلسات مشاورات عامة وعدد من اللقاءات وورش العمل مع الجهات المختصة في الحكومة الفلسطينية لمناقشة التعديلات المقترحة على قانون الانتخابات المحلية ليصبح قانون عصري يلبي الطموحات والتطلعات الديمقراطية للمواطنين بما ينسجم مع المواثيق والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها دولة فلسطين.
كان من أهم تلك المطالبات ما يتعلق بالشباب في قانون انتخابات الهيئات المحلية نحو تخفيض سن الترشح للانتخابات في الهيئات المحلية من أجل إتاحة المجال للشباب الفلسطيني للمشاركة في تلك الانتخابات من أجل استثمار طاقات الشباب الكامنة في التنمية الديمقراطية في الهيئات المحلية ، لما يمثله الشباب من رأسمال اجتماعي هام إذا تم استثماره فإنه سيعود بانعكاسات ايجابية في البناء والتطوير والتنمية في المجتمع الفلسطيني ، فالشباب هم القوة المحركة والعامل الأساسي في تحقيق التنمية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والسياسية في أي مجتمع من المجتمعات ، فهم أنباء اليوم وجيل المستقبل والذين تقع على عاتقهم مسؤوليات التنمية المستدامة في بلدانهم.
فمن خلال مقترح المشروع يتبين لنا ان هذا المقترح ما زال يعبر عن تجليات المجتمع الأبوي الفلسطيني ولا يأخذ بعين الاعتبار الدور الطليعي والريادي للشباب في المجتمع الفلسطيني، فالتعديل المقترح والذي يعطي الحق لمن بلغ من العمر (23) عاما من الترشح للانتخابات في تمييز واضح وانتقاص من حق الشباب في الترشح للانتخابات والمشاركة في التمثيل في الهيئات المحلية سواء في عضوية الهيئة او في رئاسة تلك الهيئات ، علما بأن العديد من التجارب في الهيئات المحلية الفلسطينية التي كان يرأسها شباب كانت من أكثر الهيئات المحلية نجاحا وتميزا في تقديم الخدمات للمواطنين وتحقيق التنمية المحلية في تلك الهيئات نظرا لما يقوم به الشباب من دور قيادي ومحوري ومؤثر في نجاح تلك الهيئات المحلية.
فعلى الرغم من ان الكثير من الخطط والسياسات العامة للحكومات الفلسطينية المتعاقبة أكدت على تعزيز المشاركة السياسية للشباب في الحياة العامة واتخاذ القرار، إلا أن ذلك لم يترجم على مستوى تمثيل الشباب في مراكز صنع القرار سواء على مستوى مؤسسات وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية أو على مستوى الوزارات والمؤسسات الحكومية اذ بقيت مشاركتهم ضعيفة جدا ورمزية ، علما بأن الشباب الفلسطيني يشكل حوالي (40)% من أصحاب حق الاقتراع في فلسطين الا ان هذا المقترح ابقى على التمييز السلبي بحقهم وفي تهميش جزء مهم منهم وحرمانه من المشاركة في الترشح للانتخابات المحلية، اضافة الى ذلك فان حق التصويت لم يتم عليه أي تعديل والذي يجب أن يكون (16) عاما فكل من يحمل بطاقة الهوية الفلسطينية يجب ان يحق له التصويت في الانتخابات.
إن الإطار القانوني الناظم للمشاركة السياسية للشباب الفلسطيني يلعب دورا أساسيا في التأثير على الواقع السياسي والاقتصادي والفكري والنفسي والتربوي للشباب ومدى وتحفيزهم للقيام بدور فاعل ومؤثر في الحياة العامة ، لذلك فإن مقترح مشروع قانون الهيئات المحلية لعام 2025 لا يلبي الحد الادنى من تطلعات الشباب وطموحاتهم ليكونوا مؤثرين وفاعلين في المجتمع من خلال مشاركتهم الفعالة في المؤسسات التمثيلية وعلى رأسها الهيئات المحلية.