• 23 آيار 2025
  • أقلام مقدسية

 بقلم : أحمد صيام 

 

هل هم هؤلاء الذين انتفضوا في أعقاب وعد بلفور المشؤوم معلنين رفضهم للانتداب البريطاني على فلسطين؟  

هل هم هؤلاء الذين أعدمتهم قوات الانتداب البريطاني في أعقاب ثورة البراق ، حين رفض شعب فلسطين أي مساس يهودي بقبلتهم الأولى ومسرى نبيهم عليه الصلاة والسلام ؟ 

هل هم هؤلاء الذين خاضوا أطول إضراب شل شتى مناحي الحياة في فلسطين عام 1936  تعبيرا عن الرفض للهجرات اليهودية وتسهيل عملية استيلاء اليهود على أراضي الفلسطينيين ، من قبل سلطات الانتداب البريطاني ؟ 

هل هم هؤلاء الذين نُكبوا وهُجروا قسرا عن ارض ابائهم واجدادهم في أعقاب عدوان 1948 ، وخذلهم القريب قبل الغريب ، وجرى زرع جسم غريب في الخاصرة العربية ؟  

هل هم هؤلاء الذين جمعوا أنفسهم من الشتات ، وتعالوا على جراحهم وقرروا إطلاق الرصاصة الاولى عام 1965 ، والاعلان عن حرب التحرير الشعبية طويلة الأمد لاسترداد أرضهم السليبة ؟ 

هل هم هؤلاء الذين نزحوا عن أراضيهم عُنوة عام 1967 في أعقاب هزيمة جيوش عربية مدججة ، واحتلال الجزء الشرقي من مدينة القدس والضفة الغربية وقطاع غزة ؟  

هل هم هؤلاء الخمسمائة - وربما يزيد قليلا - عنصر من مقاومة فلسطينية كانت في بداية طريقها ، رموا بانفسهم و افتدوا بارواحهم ، تحت جنازير دبابات الاحتلال الاسرائيلي المنتشي بالنصر في حرب حزيران ،  في بلدة الكرامة الأردنية في آب 1968 لوقف تقدمها ومنعها من استكمال احتلال أراضي عربية في شرق الأردن ، إيمانا ، وانطلاقا من القاعدة الربانية : " كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله " ؟  

هل هم هؤلاء الذين صمدوا لأكثر من ثلاثة شهور تعرضوا خلالها لأبشع أنواع القصف الجوي والبحري والبري وخذلان الاشقاء والاصدقاء عام 1982 ، واضطروا الى مغادرة لبنان ، تاركين خلفهم عزل من اهاليهم استفرد بهم اعدائهم ومثلوا في جثثهم بعد قتلهم خلسة في صبرا وشاتيلا ؟ 

هل هم هؤلاء الأطفال الذين انطلقوا في انتفاضة مجيدة ضد الظلم والبطش والعدوان ، اشتعلت شرارتها من غزة ، تبعها جبل النار في نابلس وامتدت الى ربوع الأرض الفلسطينية المحتلة مسلحون بالحجارة وتعرضوا لاعنف أشكال التعذيب ، كان من أبرزها " تكسير العظام " عام 1987 ؟ 

هل هم هؤلاء الذين هبوا للدفاع عن مسراهم في أعقاب الكشف عن نفق أسفل القدس القديمة تحت المسجد الأقصى عام 1996 ، بعد مرور عامين ويزيد على إبرام اتفاقية سلام مع عدو من طبعه التنكر للسلام ويؤمن بالسيطرة والنهب والسلب ؟ 

هل هم هؤلاء الذين تصدوا لتدنيس مسراهم عام 2000 ، من قبل ثلة من المتطرفين اليهود الحاقدين ، يترأسهم مجرم لم يدخر جهدا في البطش بالشعب الفلسطيني – ارئيل شارون – لتمتد الى انتفاضة جماهيرية جديدة امتدت الى اكثر من اربع سنين ؟ 

هل هم هؤلاء الذين تركوا أنفسهم وبيوتهم وعائلاتهم ، وامضوا ليلهم ونهارهم ، مرابطين امام ابواب مسراهم عام 2017 ، تصديا لمحاولات الاحتلال تركيب بوابات إلكترونية على أبواب المسجد الأقصى للسيطرة عليه والحد من دخول الفلسطينيين ، وإتاحة المجال لإعداد أكبر من المستوطنين المتطرفين بتدنيسه ؟ 

هل هم هؤلاء الذين فقدوا ارواحهم واموالهم وممتلكاتهم بعد التخلي عنهم في أعقاب استيلاء حركة حماس على الحكم في قطاع غزة عام 2007 ، الذي تعرض بعدها لستة حروب عدوانية مدمرة استهدفت الابرياء العزل ، وحصار جائر برا وبحرا وجوا طال الشيوخ والأطفال والنساء وحتى الرضع ؟ 

هل هم هؤلاء الذين غامروا بكل ما يملكون وقرروا كسر الحصار عن أبناء شعبهم ، في طوفان نوعي لم يعهده الاحتلال من قبل ، منذ قيامه على الأرض الفلسطينية عام 1948 ، ايمانا ، وانطلاقا من القاعدة الربانية : " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم ، الله يعلمهم " ؟ 

هل هم هؤلاء الذين يقدمون يوميا الغالي والنفيس ويقفون في خط الدفاع الأول ، دفاعا عن كرامة أمة أبت قياداتها إلا أن تستسلم للملذات وتسرق قوت شعوبها التي تعارك الحياة بحثا عن لقمة العيش المغمسة بالذل والمهانة ، لتمنحه لأعدائها ، خشية على عروش هالكة لا محالة ، وترقص على جماجم شهداءها ؟ 

أم هم اولئك الذين يدنسون المسجد الأقصى يوميا ويستبيحون قدسيته من دون وازع او رادع ، وينهبون الأرض ويحرقون الأخضر واليابس ويعيثون فسادا في ارجاء المعمورة ؟ أم هم أولئك الذين ينهبون الثروات و يتنعمون بخيرات البلاد ، فيما عامة الشعب تسعى بالكاد لتأمين قوت يومهم ؟ أم هم اولئك الذين يزاحمون للوصول الى الصف الاول من خلال قرابين مجانية يقدمونها لأعدائهم بحثا عن مكانة زائلة لا محالة ؟ ام هؤلاء الذين باتوا بلا حيلة ولا قوة أمام صلف وعنجهية عدو أعلنها صراحة أنه لا يريدهم ويعمل على القضاء عليهم وتجريدهم من كافة امكانياتهم ونفيهم في اصقاع الارض ؟ 

شعب فلسطين اعتاد أن يجتهد ويُعد، ولكن كما كل مرة يخذل من بني جلدتها ومن العرب قبل العجم .!!!