• 1 حزيران 2025
  • أقلام مقدسية

 

بقلم : تحسين يقين

 

اليوم التالي هو مبرر دولة الاحتلال، وهو الذي ما زال يؤرقها، وهو من وجهة نظرها السلام مقابل الاستسلام، وهو ما يذكرنا بما تحاول إسرائيل ترسيخه من سنوات: السلام مقابل السلام، لا الأرض مقابل السلام. ويبدو أن ويتكوف انتبه لنوايا إسرائيل المحتلة، حين جاء البند السابع الذي أكده البند الأخير أي رقم 13 "سيعلن الرئيس الأميركي شخصيا اتفاق وقف إطلاق النار، وتلتزم الولايات المتحدة ورئيسها بالعمل على ضمان استمرار المفاوضات بحسن نية حتى التوصل إلى اتفاق نهائي.".

وبالطبع فإن دولة الاحتلال تماطل، لذلك طال الرئيس الفرنسي " بتشيد الموقف الدولي ضد إسرائيل".

حماس تخشى أن المقترح لا يتضمن ضماناً بأن تؤدي الهدنة إلى وقف دائم لإطلاق النار، فطلبت ضمانا أمريكيا بأن إسرائيل لن تستأنف القتال إذا فشلت محادثات وقف إطلاق النار". 

  • كيف تنصاع دولة الاحتلال لمطالب الأسرة الدولية بمن فيها الحلفاء؟
  • ................

الجواب مفتاح بداية خلق نوايا حسنة، فهل سيترك العالم دولة الاحتلال تفعل بما تفعله الى حين التفكير بتغيير النوايا!

ليس هناك من تفسير لسلوك الاحتلال منذ السابع من أكتوبر، إلا إرادة قتل الفلسطينيين وتدميرهم، ودليل ذلك ما حصل بعد شباط، حين استأنفت دولة الاحتلال حربها على المدنيين حتى الآن. وهدف القتل والتدمير واضح، وهو دفعهم للهجرة بعد أن يجعل الاحتلال بلادنا غير صالحة للحياة.

إن تأمل مقترحات الهدن، وصفقة تبادل الأسرى، وصولا الى ويتكيف 1 وويتكيف 2، يؤكد أنه فعلا ليس هناك اختلافا جوهريا سوى في النظر الى تبادل الأسرى في ظل وقف دائم لإطلاق النار.

لم يعد العالم، ولا الحلفاء بمن في الولايات المتحدة الحليف والشريك، يحتمل استمرار قتل المدنيين وتجويعهم. لذلك لا بد من خطوات آنية ومستقبلية، تتمثل بمعاقبة دولة الاحتلال وفرض أنواع مختلفة من الحصار عليها، حتى تنصاع للمنطق الإنساني والسياسي.

بن غفير يرى أنه حتى وقف النار المؤقت يعني رفع الراية والاستسلام. بالرغم من تفهمنا لمواقف اليمين المتطرف، لكن التعويل اليوم على ضرورة ممارسة ضغوطات دولية حقيقية على دولة الاحتلال، ولربما تصحو المؤسسة العسكرية، ولو متأخرة، من انقيادها الجنوني في قتل المدنيين، وهي من تعرف أصلا أن حلّ القضية الفلسطينية لا يمكن حسمه عسكريا، وأنه بما أن الظروف تسمح باختراق سياسي ما، فلا بد من دفع استحقاقات على الأرض تبدأ بالعصيان، وعدم الاستمرار بقتل المدنيين وتدميرهم.

لم تقم دولة الاحتلال، التي لم تكن بريئة قبل السابع من أكتوبر2023، بحربها مقتصرة بها على المسلحين في قطاع غزة، ولو فعلت ذلك، ربما لوجدت موقفا مغايرا، كون العالم سيفهم أن الجماعات المسلحة تشكل جيشا ما، والحروب تقع عادة بين الجيوش، لكن الحرب على غزة لم تكن حربا حقيقية أبدا من أول يوم، بل كانت حربا على المدنيين وممتلكاتهم، من خلال القصف العشوائي، وبلغت الجريمة أوجها في تدمير البيوت فوق أصابها فصارت قبورا، كذلك في استمرار قصف خيام الإيواء بمبرر زيارة أحد المسلحين لأهله.

كيف استمر ذلك؟ كيف قبلت الدول التي سلحت دولة الاحتلال بأن يتم قصف المدنيين بمتفجرات معاصرة قوية؟ ألم تشترط تلك الدولة المزودة للسلاح أو البائعة له، على دولة الاحتلال ألا تستخدمها ضد المدنيين الفلسطينيين والمدنيين في الدول العربية؟

جنون السؤال الذي يجرّ معه جنون الأسئلة التي تتعلق بدود فعل الأعداء والأصدقاء والأشقاء، كيف يستمر ذلك؟ لما استمر القتل؟ 600 يوم وأكثر؟ 

استغرب العالم حين قال رئيس مجلس الأمن القومي بعد أشهر من بدء قتل غزة، بأن الحرب ستستمر عاما، فكيف هو حال الاستغراب الآن؟

فإذا احترنا ما نكتب هنا، فهل احتار ساسة العالم؟ فعل هذا العالم بدوله الكبرى عاجز عن وقف الحرب المسعورة على شعبنا؟ ولم ما زالت المؤسسات الأممية عاجزة؟ هل دولة الاحتلال استثناء من المعاقبة والمحاسبة والمساءلة؟

أين الحدّ الأدنى من الأخلاق؟ وهل فعلا ينام ساسة الدول الداعمة للاحتلال وهم يرون المآسي التي تحدث يوميا في غزة؟

القول ليس فعلا، والشعور حتى وإن كان متضامنا، لا يكفي أيضا، ومعروفة طرق إجبار المعتدين على وقف الاعتداء. منذ الأسابيع الأولى، كان من الممكن إنجاز صفقة تبادل الأسرى، خاصة بعد قتل الاحتلال الآلاف من الغزيين، وتدمير ممتلكات كبيرة وكثيرة، وكان من الممكن إيجاد مخرج سياسي لما يحدث في قطاع غزة، ولكن كيف تفعل إسرائيل المحتلة هذا الأمر وهي التي أصلا من خلقت الظروف لما حدث في غزة منذ 18 عاما، بل وهي من حافظت على تلك الظروف كما شاهدا؟

طريق الحل السياسي واضحة، فإن كانت إسرائيل راغبة في السير فيها، فسيكون هناك خطوات باتجاه حسم الصراع على هذه الأرض، وليس حسم معركة غزة فقط. والطريق واضحة للدول والوسطاء، فلماذا تصرّ دولة الاحتلال على عدم السير فيها؟ الجواب معروف وهو أنها لا تريد أن تقدم أية استحقاقات لعملية السلام.

والآن، في ظل الأمل بوقف الحرب على الأرض، فإن ثمة حروبا ستحدث هنا بعد أن يجد الغزيون وقتا لرؤية الحال بعد الحرب العالمية التي وقعت عليهم.

وحتى لا يحدث التهجير، لا بد من تقوية البقاء وأمل البقاء هنا. وقد صار معروفا لكل الدول والمؤسسات كيف تغيث غزة. ولا بد بالطبع من وقف الحرب، بل وأخذ ضمانات ألا يتم تكرارها، ليتيسر تعمير قطاع غزة، الذي يحتاج في المرحلة الأولى من التعمير لنصف مليون عامل وفنيّ وخبير لبناء جزء مهم مما يحاجه الغزيون. لا بد من تقسيم غزة الى مربعات لا لتدميرها بل لإعمارها والذي لا يجب أن يستمر طويلا. إن إنجاز التعمير بأقصى سرعة ممكنة سيخفف المصاب.

من الآخر، يمكن التأثير على عناد دولة الاحتلال التي لن تلين بسهولة، بل لا بد من إجبارها على فعل العقل؛ فقد جنت الآلة العسكرية القاتلة لأنها بأيدي قتلة؛ فإذا تفهمنا وجود أفراد متطرفين دمويين، فلا يمكن تفهم وجود دولة بلا أخلاق ما زال العالم يقبل انتماءها له وللمؤسسات الدولية.

لم تكن الخطوات على الطريق واضحة كما هي عليه الآن: عدم ترك دولة الاحتلال لتقرر، لا بد من أوصياء على أفعالها، لحاجة العالم للأمل، فمن يجرم في فلسطين سيشرعن الإجرام في العالم، وهذا ما صار يسكن في وعي الشعوب المقاومة للقتل وفي لا وعيها، فهي معرضة مستقبلا لممارسة مثيلة يمكن التعرض لها.

الأمل: وقف الحرب وبدء خطوات تجبر الاحتلال على السلام، ووقتها فقط سيتنفس العالم، بما فيه الأعداء والحلفاء والأصدقاء بعد أن خنقتنا دولة الاحتلال سنوات وسنوات.