- 10 كانون أول 2025
- أقلام مقدسية
بقلم : كريستين حنا نصر
بدأت الثورة السورية في عام 2011م ، عندما طالب المتظاهرون آنذاك بالحرية والعدالة ، وللأسف تعسكرت الثورة دون الحصول على أي من المطالب التي رفعتها الثورة ، ودخلت سوريا حينها حرباً شعواء وفوضى داخلية ، وتواجد على الساحة السورية عدة دول ذات مصالحة متضاربة ، تعمل على تأجيج الحرب فيها ، لا سيما الحرب بين النظام السوري وإيران وحزب الله من جهة ضد مكونات المعارضة السورية ممثلة بالجيش الحر ، ثم الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا من جهة أخرى ، وقد قتل واستشهد في هذه الحرب الكثير ، كما دمرت سوريا وبقي النظام ممثلاً بالأسد خلال الثورة مستمراً ولمدة 14 عاماً ، وتحديداً حتى الثامن من ديسمبر عام 2024م ، عندما سقط نظام البعث السوري وآل الأسد البائد على يد جبهة النصرة بقيادة أحمد الشرع الذي أصبح رئيساً لسوريا .
وهذه الأيام يحتفل السوريين في الشوارع والساحات والميادين العامة ، بمناسبة الذكرى الأولى لانتصار الثورة السورية ، التي أعقبها تشكيل الحكومة الانتقالية السورية ، وتمّ حل الاجهزة الأمنية لحزب البعث السوري الحاكم التي كانت تحمي وتناصر النظام السابق ، كما تم حل البرلمان السوري ، وجرى تشكيل مجلس تشريعي مؤقت ، يتولى مسؤولية سن القوانين ، وإدارة المرحلة الانتقالية ، كذلك تمّ تعليق العمل بدستور عام 2012م ، والبدء بإعادة سن دستور جديد يعكس مطالب وآمال الشعب السوري ، من أجل تحقيق هدف أساسي هو اعادة هيكلة المؤسسات العسكرية ، وتشكيل جيش سوري جديد من الفصائل التي حررت سوريا من النظام السابق .
وجرى تفكيك الميليشيات التابعة للنظام السابق والمدعومة من محور المقاومة وحزب الله ، وحل الجبهة الوطنية التقدمية وحظر اعادة تشكيلها بهدف إنهاء هيمنة الحزب الواحد على السلطة ، ولاحقا تم إلغاء جميع فصائل الثورة السورية ودمجها في مؤسسات الدولة السورية الجديدة .
وهذه الإجراءات التي تم اتخاذها بهدف تحقيق انتقال سياسي سلمي وتعزيز سيادة القانون ، حيث شُكل مجلس تشريعي مؤقت يتولى مهمة سن القوانين وإدارة المرحلة الانتقالية ، وإعادة دمج الفصائل المسلحة المختلفة على الأرض السورية تحت مظلة الدولة ، والتركيز على المصالحة الوطنية ، وتشكيل حكومة جديدة تمثل جميع أطياف الشعب السوري باستثناء منطقة سوريا الديمقراطية ، حيث جرى توقيع اتفاقية بين مظلوم عبدي وأحمد الشرع تكونت من حوالي عشرة بنود ، وهي الآن دخلت في مرحلة حيز التنفيذ ولكن لم يجري بعد تنفيذ كامل البنود التي تضمنتها.
وعلى صعيد العلاقات الدولية فقد استعادت سوريا الجديدة العلاقات الدولية وعادت الى حضنها العربي ، وتلقت دعما إقليميا قويا من الدول العربية منها السعودية وقطر ، فلقد كان أمير قطر الشيخ تميم آل ثاني أول حاكم عربي يزور دمشق بعد التغيير ، وفي إطار العلاقات الدولية السورية فقد تحسنت وتطورت ، واهمها العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية ، وتمثل ذلك بزيارة الرئيس احمد الشرع مؤخراً الى البيت الابيض والتي اسفرت عن قرار مهم وهو الغاء قانون قيصر عن سوريا .
إن مرحلة اعادة تأسيس دولة جديدة بعد حكم البعث السوري وتحالفاته آنذاك مع ايران وحزب الله ، تتضمن السعي الى بسط الامن في سوريا وهذا هدف يصعب تحقيقه اليوم بسرعة ، باعتبار ان المشهد السوري معقد للغاية ، نظراً لوجود اعراق وقوميات ومذاهب وأديان متعددة في سوريا ، اذ وقعت العديد من الانتهاكات والمشاكل كما حدث في الساحل السوري للمكون العلوي ، وبالطبع يضاف الى هذه التحديات ما جرى في السويداء من المعارك بين أهل السويداء والعشائر العربية السورية ووجود مسلحين خارج نطاق الدولة وسعي الحكومة الانتقالية الى تهدئة الأمور.
ورغم ان هناك فئة تشعر بعدم الرضا تجاه الحكومة المؤقتة ، بالمقابل فإنه يوجد هناك آخرين راضين كثيراً عن هذه الحكومة ، ولا شك أن هذه المرحلة الانتقالية تتصف بالحساسية وتعتبر غير سهلة ، تحتاج جهود كبيرة لضبط الأمور سياسياً وعسكرياً و أمنياً لأن الانتقال من حالة الحرب الى حالة الأمن والاستقرار تتطلب طاقة هائلة خاصة وأن هذه المرحلة قد تأخذ في بعض الأحيان عدة سنوات ، كما جرى في العراق بعد إسقاط حكم صدام حسين على سبيل المثال لا الحصر .
يوجد الكثير من التساؤلات الموجهة للحكومة المؤقتة ، و أهمها ما هي الخطوات التي سوف يتم اتخاذها لتحقيق فرض كامل للسيادة والأمن والاستقرار على الأراضي السورية؟
وكيف ستتعامل الحكومة مع ملف اللاجئين السوريين في الخارج ؟
وهل يمكن للحكومة المؤقتة تنفيذ بنود القرار الأممي رقم 2254 الخاص بتشكيل الحكومة ؟
وما هو مصير الملف الأمني والاتفاق مع اسرائيل لمنطقة الجنوب السوري ؟
وهل سوف يتم دمج قوات سوريا الديمقراطية مع الجيش السوري وتنفيذ البنود التي تم التوقيع عليها من قبل الطرفين ؟ .
لقد بات واضحاً أن الحكومة المؤقتة الانتقالية لديها الكثير من التحديات وعدة ملفات منها الامنية والاقتصادية وغيرها التي تحتاج الى إيجاد حلول خلاقة .

