- 24 تشرين الثاني 2012
- وجوه مقدسية
رغم ان شخصيتنا ليست مقدسية الاصل الا انه يمكن اعتبارها مقدسية لما قدمته للمدينة فلا زال من بقى من الجيل القديم يذكرها ويذكر صحيفة فلسطين التي اخذت من القدس مقرا لها بعد الهجرة عام 1948،
وعندما جلست مع احد ابناء ذلك الجيل والذي عايش شخصيتنا الا وهو يوسف نفاع ( ابو نصار) الذي قدم من السلط للعمل في صحيفة فلسطين في يافا وكان قريبا من شخصيتنا عيسى العيسى ، اشار الى المكتب السياحة في شارع صلاح الدين قائلا : هنا كان مكتب عيسى العيسى ومن هنا كان يدير صحيفة فلسطين والتي هي بكل فخر اول واهم صحيفة فلسطينية وعربية واضاف السيد ابراهيم في حديث ذكريات خاصة لاخبار البلد بان السيد عيسى العيسى كان مغرما بربطات العنق لدرجة انه اصدقاءه كانوا يتنظرون بفارغ الصبر عودته من السفر لانهم يعلومن ان الهدية ستكون عبارة عن ربطة العنق ...
اليكم لمحه عن هذا الشخصية العملاقة في عالم الصحافة
ولد عيسى العيسى في مدينة يافا عام 1878 في أسرة اشتهرت وعرفت بعطائها وبذلها للأمة العربية والمسألة القومية والنضالات الوطنية في فلسطين. وقد صدر عن هذه العائلة أول صحيفة عربية في فلسطين, وكان اسمها"الأصمعي" لمالكها حنا العيسى, ثم توالت اصدارات هذه العائلة للعديد من الصحف , أهمها صحيفة"ألف باء" الدمشقية لمالكها ومدير تحريرها يوسف العيسى. وفي الأردن برز رجا العيسى, الذي يعد واحدا من الرواد المؤسسين للصحافة الوطنية
عاش عيسى العيسى حياته في فلسطين ولبنان ومصر وتوفى في بيروت 1950
تلقى علومه في كلية الفرير بيافا، وفي مدرسة كفتين الأرثوذكسية بلبنان، ثم واصل دراسته العليا في الجامعة الأمريكية ببيروت، وقد أجاد أربع لغات: العربية والتركية والفرنسية والإنجليزية.
شغل عدة وظائف في العهد التركي بفلسطين ومصر، وفي عام 1911 أنشأ جريدة «فلسطين» في يافا، فكانت أول جريدة قومية تنبه إلى أخطار الصهيونية، مما أدى إلى احتجابها، ونفي صاحبها إلى الأناضول، كما أصدر جريدة قومية باسم «ألف باء»، وذلك بعد دخول الجيش العربي (جيش الملك فيصل بن الحسين الهاشمي) دمشق.
اختاره الأمير فيصل بن الحسين سكرتيرًا خاصًا به، فرئيسًا للديوان الملكي، حتى دخول الفرنسيين سورية، ثم عاد إلى يافا، بعد أن تقلص الحكم العربي، مزاولاً نشاطه الصحفي، فأعاد إصدار جريدة «فلسطين»، وجعلها مسرحًا للأقلام الحرة.
كان عربيًا حرًا قاوم طغيان الرهبان اليونانيين، ودعا إلى تحرير الطائفة العربية الأرثوذكسية من النير اليوناني بوصفها جزءًا من الأمة العربية. كان عضوًا في مجلس إدارة بنك الأمة العربية، فضلاً عن مساهمته في عدد من الجمعيات الخيرية الإسلامية والمسيحية، كما ترأس عدة مؤتمرات أرثوذكسية
عربية، وكان عضوًا مؤسسًا في حزب الدفاع الوطني بفلسطين.
صحيفة فلسطين
ويمكن اعتبار صحيفة فلسطين أم الصحف الفلسطينية وأكثرها انتشارا وتولى اصدارها وادارة تحريرها عيسى داود العيسى ويوسف العيسى, وكان اصدارها بصفتها جريدة سياسية اخبارية, تصدر مرتين في الأسبوع.
ونظرا للنجاح الذي حالف الجريدة, والاقبال الجماهيري المتزايد عليها تحولت بسرعة الى صحيفة يومية بثماني صفحات, ودرجت الصحيفة منذ البدايات على نشر الأخبار الواردة من وكالات الأنباء المعتمدة آنذاك, وفي البداية كان اعتمادها على ما تنشره وكالة الانباء العثمانية "اجانس عسمانلي", وتضمنت الأعداد تلك المرحلة استعراض السياسة الخارجية والداخلية التركية, الا أن القيمة الحقيقية لهذه الأعداد كانت تتمثل في افتتاحية يوسف العيسى, التي كانت بمثابة تقليد يومي ومنتظم , وكانت تكتب باسلوب شعبي , يقارب ما يعرّف بفنون الكتابة"السهل الممتنع".
ورغم الظروف الصعبة التي واكبت تأسيس الصحيفة, الا أن ادارتها كانت مصممة على الارتقاء بالأداء المهني للصحيفة الى أفضل مستوى والذهاب بها الى أبعد مدى ممكن من الجدية والمهنية العالية, لذا امتازت "فلسطين" خلال هذه الفترة بمتابعاتها الاخبارية رغم شح مصادر المعلومات. وربما كانت الصحيفة العربية الأولى في المنطقة, في تلك المرحلة المبكرة, التي اعتمدت لها مراسلين ووكلاء في جميع الانحاء والاقطار المجاورة, يوافونها بالاخبار التلغرافية . وتوفرت لديها خدمات ترجمة عن الصحافة الفرنسية, خصوصًا في كل ما يتعلق بفلسطين.
حافظت الصحيفة على مستواها المهني الذي التزمت به منذ اصدارها عددها الأول الى أن توقفت عن الصدور عام ,1967 وطيلت هذه الفترة كانت "فلسطين" هي الصحيفة الأكثر انتشارا وتداولا وأغزرها مادة, كما أنها كانت تمثل بحق الرأي العام الفلسطيني ازاء القضايا والنكبات التي تعرض لها على امتداد قرابة خمسين عاما, فكانت الصحيفة شاهدا حيا على التطورات الخطيرة التي واكبت القضية الفلسطينية منذ نشأتها. وكانت من أوائل الصحف القومية التي كانت تنبه الى أخطار الصهيونية العالمية, ومشاريعها الاستعمارية على الأرض الفلسطينية. الأمر الذي أدى الى احتجابها ومنعها من الصدور مرات عديدة.