• 9 نيسان 2013
  • وجوه مقدسية

ان شخصية موسى العلمي من اكثر الشخصيات المقدسة المثيرة للاهتمام  والتي لم تاخذ حقها  بالحبث والتمحيص والتقدير  رغم انه كان يعتبر من تلك الفترة بانه سابق عصره ولكن اشهر مقولاته لا تزال مثلا حتى ايامنا هذه الا وهي  "إنّنا لن ننتصر على إسرائيل النصر النهائيّ حتّى ننتصر على أنفسنا" 

 وكان الاستاذ الكبير ناصر الدي النشاشيبي الذي عمل مع العمل ايام المكاتب العربية في القدس وكان قريبا منه في اصعب الظروف  قد خصص كتاب للحديث عن موسى العلمي اطلق عليه اسمه " اخر العمالقة جاء  من القدس"

حياته

وُلد موسى قيضي العلميّ عام 1897م على الأرجح، في بيت المقدس ودرس فيها علومه الأولى، حيث درس في الكولونية الاميركية وتعلم الانكليزية في مدرستها ثم التحق ب "المدرسة الدستوريّة" بالقدس لمؤسّسها خليل السكاكينيّ وأمضى فيها سنتين، ومنها انتقل إلى كليّة "الفرير" بالقدس وقضى على مقاعد الدراسة ثلاث سنوات، وبعد نشوب الحرب العالميّة الأولى دخل الجنديّة، وتنقّل بين دمشق وإسطنبول، وبعد أن وضعت الحرب أوزارها قصد جامعة "كامبردج" في بريطانيأ حيث درس الحقوق (1919-1922)، وكان اول شابٍ فلسطينيّ يدخل تلك الجامعة ويتخرّج فيها،بدرجة  شرف ثمّ التحق بمعهدٍ مختصّ للحقوق وتخرّج فيه عام 1923م وعاد إلى فلسطين

في العام 1925م عُيّن العلميّ في وظيفة كبرى بدائرة النيابات العامّة بالقدس وشغل وظيفة ( محامي الحكومة) وأصبح سكرتيراً "للمندوب السامي البريطانيّ"، ويُقال غنّها أعلى وظيفة أُسندت لعربيّ في فلسطين، لكنّه استقال( هناك مصادر تقول ان المسوؤلين البريطانين اقالوه من عمله ايمانا منهم بعطفة على قضية بلاده وشجبه تهويدها واغراقها بسيل الهجرة اليهودية ، فتم ابعاده الى بيروت) من منصبه سنة 1937م مع اشتداد النقمة على البريطانيّين، ولجأ إلى سوريّة ثمّ عاد إلى فلسطين عام 1940م) وفي حواره مع الاستاذ ناصر الدين النشاشيبي يقول انه قد الكثير من المساعدة لسكن المدينة مما اثار حفظية ونقمة اليهود في المدينة والذين كانوا اغرقوا المندوب السامي بشكوى ضد العلمي ومساعدته للعرب)

عندما دعت بريطانيا إلى "مؤتمر فلسطين" في لندن عام 1939م كان العلميّ أحد أعضاء الوفد الفلسطينيّ المفاوض، ( ويقول النشاشيبي في كتابه اخر العملاقة جاء من القدس، بان العملي كان خير متحدث عن القضية العربية وما تواجه من اخطار يهودية ) ومع بداية الحرب العالميّة الثانيّة أُبعد موسى مرة اخرى الى لبنان ومنها إلى العراق، وظلّ فيه إلى أن دخله الإنكليز عام 1940م، فسمحوا له بالعودة على فلسطين والإقامة في قرية "شرفات" التي يملكها آل العلميّ بالقرب من مدينة بيت لحم، إقامة جبريّة لمدة سنة، ثمّ عاد إلى القدس وزاول المحاماة

 مؤتمر الجامعة العربية

في 25 أيلول من عام 1944 اجتمعت وفود الدول العربية في الاسكندرية، في مؤتمر عرف فيما بعد ب (مؤتمر الاسكندرية) مع أن اسمه الحقيقي (اللجنة التحضيرية للمؤتمر العربي العام) واشترك فيه مندوبون عن دول مصر وسورية والعراق ولبنان والاردن والسعودية واليمن.

أما (فلسطين) فلم تدع لهذا الاجتماع مع أن قضيتها هي من صميم القضايا العربية بل انها أكثرها خطورة وأبعدها مدى في التأثير على مستقبل العرب وعلى كرامتهم وعلى امكانية تكتلهم وجمعهم في وحده شاملة.

غير أن ذوي الرأي في فلسطين رأوا خلاف رأي الدول العربية وصمموا على ارسال وفد فلسطيني الى هذا المؤتمر ليوضح لرجال الدول العربية حقيقة الموقف في فلسطين وليؤكدوا لهم انه لن تكون هناك وحدة حقيقية اذا لم تكن (فلسطين) ليست عربية، وان أمرها ومستقبلها لن يثير في العرب اهتماماً.

وبعد تشاور ذوي الرأي في فلسطين ( ونتيجة للخلافات الحادة بين تلك الاحزاب التي لم تتمكن من الاتفاق على وفد يمثلهم جميعا ) قررت الاحزاب الفلسطينية المذكورة ارسال وفد الى الاسكندرية لينوب عنها في إقناع الدول العربية بضرورة اشتراك (فلسطين) في هذا المؤتمر ثم الدفاع عن قضيتها فيه، فاختارت الاحزاب الستة الاستاذ موسى العلمي ليمثلها بفرده في ذلك المؤتمر، فقصد الاسكندرية وذلل الصعاب التي قامت في وجه قبول (فلسطين) في المؤتمر، وتمكن من اقناع المؤتمرين بقبول وجهة نظر عرب فلسطين، فاشترك في أبحاث المؤتمر ودافع عن أظلم قضية عرفها التاريخ ضمن حدود الميثاق القومي الفلسطيني.

ونجم عن هذه الابحاث وضع بروتوكول الاسكندرية عام 1944 وفيه عهد للدول العربية بإنقاذ فلسطين. لكن الدول العربية لم تف بالعهد المسؤول. وفي هذا المؤتمر بحثت لأول مرة فكرة انقاذ اراضي فلسطين عن طريق تمكين الفلاّح فيها وذلك بتحسين حالة الاراضي وزيادة انتاجها ورفع مستوى الفلاّح اقتصاديا وثقافياً وصحيا. وما لبثت هذه الفكرة أن تبلورت في اللجنة الاقتصادية التابعة ل (الجامعة العربية) في شهر تموز 1945، واخيراً في دستور المشروع الانشائي العربي الذي تبناه مجلس الجامعة.

المشروع الانشائي  العربي 

تألفت في الاسكندرية لجنة تحضيرية للمؤتمر العربي (من 25 ايلول 1944 الى 7 تشرين الاول 1944) بحضور ممثلين عن سبع دول عربية، وكان الاستاذ العلمي ممثلا لعرب فلسطين، وبعد أن وقف وشكر المؤتمرين على قبوله في اللجنة التحضيرية انبرى يشرح ادوار القضية الفلسطينية وما مر بها من ثورات واضطرابات وما يبيت لها في السر والعلن من مؤامرات للأستيلاء على الاراضي الزراعية الخصبة وتسليمها لقمة سائغة للكارن كايميت (شركة الصندوق القومي اليهودي) ومحو القرى العربية من الوجود وتشتيت أهلها وشطب أسمائها من خارطة فلسطين.

وفي الجلسة الثالثة المنعقدة في 1 تشرين الاول 1944 اقترح الاستاذ العلمي تأسيس صندوق قومي عربي عام تشترك فيه جميع الاقطار العربية وتشرف على ادارته، فتوقف للعرب – كما يوقف اليهود لليهود – اراضي فلسطين الباقية لتظل في أيديهم. وأنذر العلمي المجتمعين بأن عرب فلسطين اذا حملوا على الخروج منها فلن يتمكنوا من الرجوع اليها، وختم كلامه بقوله:

"والخلاصة اننا نحن عرب فلسطين قد اصابنا من جراء السياسة الصهيونية أكبر ضيم وقمنا بأكبر التضحيات، وقد استشهد منها أكثر من خمسة آلاف شهيد، ونسف لنا عشرة آلاف بيت وهدمت بالمصفحات بيوت صغيرة للفقراء والمساكين، وخسائرنا المادية لا تقدر بالملايين، وتشتت زعماؤنا وأولو الرأي فينا، وما زالت السجون ملأي برجالنا والمعتقلات تضم أبناءنا ... فحملنا ثقيل والطريق شاق.

فاذا سألتموني ماذا نحن بعد ذلك فاعلون ؟ قلت لكم بكل هدوء واطمئنان: "اننا مصممون على الاستمرار في الجهاد حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا، لأننا نرفض الذل ولا نرضى بالاستعباد".

وقبل انفضاض اللجنة التحضيرية في الاسكندرية أبلغ مصطفى النحاس باشا – رئيس وزراء مصر آنذاك – الاستاذ العلمي تعيينه عضوا في اللجنة الاقتصادية التي أشار اليها بروتوكول الاسكندرية، فشرع من توه في درس الموضوع ومراجعة الخبراء، وأخيرا أسمت اللجنة التحضيرية هذا المشروع (المشروع الانشائي العربي) ولهذا المشروع أساسان مهمان:

الأول:  أن تقوم به الحكومات العربية دون تفكير بربح أو باسترجاع رأس المال، بل تقوم به على أساس فكرة المحافظة على الكيان ومنع جلاء العرب والحيلولة دون زوالهم من فلسطين.

الثاني:  أن المشروع مبنى على العمل لأستئصال المرض من الأصل وليس على فكرة تخفيف وطأة المرض عند حلوله. وبمعنى آخر يجب أن لا ننتظر حتى تقع أرض عربية في خطر البيع فنأتي لأنقاذها وتخليصها من المشتري اليهودي، بل علينا أن نمنع الظروف والاسباب التي تحمل صاحب الارض على بيع أرضه.

وفعلاً تألفت في مدينة القدس جمعية سميت (جمعية المشروع الانشائي العربي) مركزها مدينة أريحا، وسجلت في الدوائر المختصة بموجب قانون الجمعيات، وغاياتها الاساسية:

1- اصلاح القرى العربية ورفع مستواها الصحي والاجتماعي.

2- تحسين حالة المزارعين العرب الاقتصادية والاجتماعية.

3- تحسين الصناعات الزراعية والقروية.

4- تشجيع التشجير على أنواعه.

5- الأخذ بالنظام التعاوني.

6- إنشاء معاهد للتدريب الزراعي والصناعي للأيتام والمعوزين العرب مجاناً.

نموذج من نثره:

مرت معركة فلسطين في دورين : ففي الدور الأول كان عبء الدفاع ملقى على عاتق الفلسطينيين. وفي الدور الثاني تناولته الجيوش العربية ، لكن العرب لم يحسنوا الدفاع عن فلسطين في كلا الدورين.

في الدور الاول كانت مواطن الضعف الأساسية في الدفاع العربي، أنا كنا على غير أهبة وان لم نؤخذ على غرة، وكان اليهود على أهبة كامله. وإنا سرنا في المعركة على مقياس الثورات السابقة، وسار اليهود فيها على مقياس الحرب الشاملة. وإنا ادرناها على طريقة موضعية دون وحدة ودون شمول ودون قيادة عامة، فكان دفاعنا مفككا، وأمرنا فوضى، كل بلد يحارب وحده، ولم يدخل المعركة الا أبناء المناطق المجاورة لليهود، وأدارها اليهود بنظام موحد وقيادة موحدة وتجنيد عام. وأن سلاحنا كان رديئا وناقصا وكان سلاح اليهود حسناً قوياً. وأن أهدافنا في المعركة كانت مضطربة متباينة، وكان هدف اليهود كسب المعركة.

هذه الثغرات نفسها كانت مواطن الضعف في دفاعنا في الدور الثاني، دور الجيوش العربية: التفكك وفقدان القيادة الموحدة والارتجال وتباين الاهداف، وزاد عليها التخاذل وعدم الجد في الحرب.

وكما أننا لم نحسن العمل في الميدان العسكري، كذلك لم نحسنه في الميدان السياسي، كانت أعمالنا مرتجلة، وكانت تصرفاتنا سلسلة من الاخطاء الكبيرة، ولم يكن لنا هدف واضح ولا خطة معينة، وكانت النتيجة الطبيعية لهذا وذاك أن حلت بنا الكارثة وأضعنا فلسطين.

وانما كانت هذا الثغرات انعكاساً لحالة الأمة العربية والنظم القائمة فيها، فهي في نظامها السياسي مفككة يقوم نظامها على التجزئة، وقد انعكس ذلك على صفوفها في المعركة، فكان هذا التفكك والتخاذل. ثم أن زمامها في أيدي حكومات عاجزة تنقصها الكفاية، والأمه نفسها لا تزال ضعيفة الوعي والنمو

 

 ونتيجة لهذا المشروع الذي استغله   منافسيه  ضده وجاوبت المظاهرات الاراضي الفلسطينية ضجد هذا المشورع معتبرين انه ينهى حق عودة اللاجئين الفلسطينين وانهم مشروع توطينم لهم، لدرجة ان العلمي تعرض لاكثر عشر محاولات اغتيال

حياة موسى العلميّ أثارت جدلاً واسعاً، ويظهر أنّ الرجل قد تُجُنّيَ عليه، وقد بولغ في الأمور التي أُخذت عليه، وقد أثبت له الخصوم والمؤيّدون شدّة دفاعه عن فلسطين، ونزعة وحدويّة كبيرة،