- 11 كانون الثاني 2025
- وجوه مقدسية
موسكو - اخبار البلد - كتب الدكتور بسام فتحي البلعاوي
من مدينة "يشكر الله"، عاصمة جمهورية "ماري ال" الروسية ،الكثير من أبناء شعبنا وأمتنا العربية ما يزالون يجهلون الكثير عن جمهوريات وشعوب الاتحاد السوفيتي السابق وروسيا الاتحادية حاليا، ورأيت اليوم أن أطلعكم على جمهورية هامة فى روسيا الاتحادية، لها ولشعبها ارتباط روحي مقدس بفلسطين وشعبها، لدرجة أن أبناؤها من أصدقاء شعبنا الفلسطيني، يطلقون عليها اسم جمهورية "ماريا الفلسطينية"، وقد يتساءل البعض عن سر هذه التسمية ومن أين جاءت؟
تبلغ مساحة جمهورية "ماري ال «, الروسية, 23200 كيلومترا مربعا، وتعداد سكانها، نحو 675 ألف نسمة، وتعادل مساحة عاصمتها مساحة العاصمة الفرنسية "باريس", تقريبا، حيث أنها تبلغ, 102 كيلومترا مربعا، ولديها أكثر من ألف نهر وبحيرة، أكبرها هو نهر الفولغا، الأطول في أوروبا، لديها 476 نهرا ونحو 600 بحيرة ويعيش في عاصمتها مدينة "يشكر الله", 281 ألف نسمة.
لقد زرت هذه الجمهورية منذ العام 1989 مرات عديدة، وأعجبت كثيرا بشعبها الودود المتعاطف مع شعبنا، والتقيت بالعديد من رؤسائها ابتداءا بالرئيس "فيتشيسلاف زوتين"، عام 1995 ، الذي استضافنا في حفل عشاء بمناسبة الألعاب الأولمبية لجمهوريات حوض نهر الفولغا، والتي كانت تقام في هذه الجمهورية, حيث كنت مدعوا من صديقي العزيز، "فيتشيسلاف كراسنوف"، وزير الرياضة والسياحة التشوفاشي الراحل, من أجل مرافقة وفدهم الى هذه البطولة، وهناك تعرفت للمرة الاولى برئيس وقيادة هذه الجمهورية الروسية،
وبعدها كانت لي اليها عدة زيارات، إحداها كان لقائي عام 1999، بالرئيس الجديد الفائز بالانتخابات، وهو "فيتيسلاف كيليتسين"، الذي استضافني في مكتبه واتفقنا معه على دعم وتوطيد علاقات جمهوريته وروسيا بفلسطين، ورافقته بعدها في زيارته الى العاصمة الروسية موسكو، للقاء السفير الفلسطيني أنداك، "خيرى العريدي"، وتم خلال اللقاء توقيع أول بروتوكول للتعاون بين فلسطين وهذه الجمهورية الروسية، وقد كان هذا حدثا تاريخيا كونه لم يكن وقتها أحد ربما في فلسطين قد سمع عن هذه الجمهورية من قبل وحتى السفير الفلسطيني استقى معلوماته مما قلته وشرحته له قبلها بفترة قصيرة.
لكن التحول التاريخ حصل تحديدا منذ 12 سبتمبر 2006 ، ومنذ أول لقاء جمعنا بالقيادة والرئيس المنتخب الجديد لهذه الجمهورية، وهو "ليونيد ماركيلوف"، والذي كان يشغل اضافة لمنصبه كرئيس للجمهورية, منصب رئاسة الوزراء في هذه الجمهورية، وقد كنا وقتها في زيارة رسمية عملت عدة أسابيع على تنظيمها ووضع اللمسات الأخيرة عليها, من خلال مكتب الرئيس, حيث كنت مع الوفد الفلسطيني الذي ترأسه السفير الفلسطيني الجديد في روسيا الاتحادية ، الدكتور "بكر عبدالمنعم" رحمة الله تعالى عليه، وكلف وقتها رئيس الجمهورية نائبه باستقبالنا وترتيب برنامج حافل لنا للاطلاع على امكانيات هذه الجمهورية لدعم التعاون والعمل معها في كافة المجالات.
وبعد يوم حافل لم نرتح خلاله إلا أثناء فترة الغداء، الذي أقامه لنا في مقر الرئاسة، ورافقنا طوال ذلك اليوم منذ الصباح وحتى المساء لحظة مغادرتنا لهذه الجمهورية، نائبه، "ليونيد أنانيفيتش جارانين".
وهنا كان التحول التاريخي والكبير في بناء هذه العلاقات، حيث بدأنا نلاحظ تغيرا كاملا في معالم مدينة "يشكر الله" عاصمة الجمهورية، فظهرت فيها كنيسة تحمل اسم السيدة "مريم العذراء"، و ساحة في وسط المدينة تحمل اسمها، ونحت لها وللسيد المسيح تمثالا حوله كنيسة جميلة ونوافير وفي هذه الساحة التي يزورها السياح بشكل يومي وعلى مدار الساعة,، وظهر كذلك في ساحة القديسين شيء جديد هو الأول في روسيا وقد يكون في العالم أجمع، حيث يتم فيها كل ثلاثة ساعات، عرض مسرحية صامتة, ترافقها الموسيقى مهيبة، مدتها 6 دقائق، أمام ضيوف وزوار المدينة، ينتقل فيها السيد المسيح من كنيسة المهد في بيت لحم، ويدخل الى كنيسة مريم العذراء في مدينة "يشكر الله"، ومن ثم يعود إلى كنيسة المهد، مبينة ارتباطها الروحي بفلسطين، وتروي من خلالها، كيف خان "يهوذا" السيد المسيح، وباعه مقابل المال.
وأمام مقر الرئاسة ومكتب المحافظ، تم تصميم ساعة ضخمة، تخرج منها السيدة مريم العذراء حاملة طفلها، السيد المسيح من كنيسة المهد في بيت لحم وتدخل الى كنيسة مريم العذراء في مدينة "يشكر الله"، وبعدها تعود الى بيت لحم"، ويتم ذلك على مدار الـ 24 ساعة وكل 60 دقيقة وفى أجواء مهيبة كذلك، تدلل على أهمية ومكان فلسطين في قلوب هذا الشعب.
ولذلك فلقد خصصت جزءا من كتابي "زيتونة في الثلج"، والذي صدر في رام الله عام 2022، للحديث عن أحد أهم رجالات هذه المدينة ، سأورد بعضا من ذلك هنا، ليتعرف القراء على رجال دولة عظام استحقوا احترام وتقدير ومحبة شعوبهم، فلم تتأثر مكانتهم في قلوب شعوبهم حتى بعد تركهم لمناصبهم.
وقبل أن أطلعكم على شخصية الرجل, أعرب له عن امتناني وامتنان الشعب الفلسطيني العميق لقيامة بنشر الرواية الفلسطينية في بلاده من خلال دعم الثقافة الفلسطينية, وتنظيم معارض كثيرة بلغ تعدادها في الثلاث سنوات الأخيرة ثماني معارض فنية, سلطت عليها الأضواء وتحدثت عنها قنوات التلفزة ووسائل الاعلام كافة, وصورت خلالها أفلام وثائقية عنها, وتم توقيع اتفاقيات للتبادل الثقافي بين الجمعية الإمبراطورية الارثوذكسية الفلسطينية وبعض المحافظات بالجمهورية, وشارك الرجل بفعالية تامة في كل هذا وكان المنظم الرئيس لهذه الأنشطة, وألقى خلالها كلمات الدعم والتأييد لحقوق الشعب الفلسطيني.
واليكم نبذة عن صديق شعبنا
ليونيد أنانيفيتش جارانين
الأثر الذي تركه في نفسي، أنه أعطى المثل لأبناء شعبه، في نظافة اليد وعفة اللسان والحفاظ على المال العام وعدم استغلال السلطة التي كان يملكها على مدار عشرات السنين وهو يتقلد أعلى المناصب في البلاد، ويتصرف ويعيش كإنسان عادي تماما.
تعرفت عليه والتقيته أثناء تنظيمي لزيارة د. بكر عبد المنعم، سفير دولة فلسطين في روسيا الاتحادية لعاصمة جمهوريتهم مدينة "يشكر الله", فى 12 سبتمبر 2006, حيث كلفه رئيس الجمهورية وقتها بصفته نائبه أن ينظم ويشرف بالكامل على برنامج زيارتنا. خلال أكثر من 18 عاما على صداقتنا تزاورنا بما فيه الكفاية وما نزال نشارك بعضنا في المسرات والأحزان، وأصبحنا كأشقاء.
الشيء المذهل في هذا الرجل، الذي صعد سلمه الوظيفي من سائق شاحنة وهو شاب إلى أن وصل لمنصب وزير ونائب رئيس وزراء ونائب رئيس جمهورية، ومحافظ العاصمة، أنه ما يزال يعيش مع زوجته في شقة مكونة من غرفة وصالة مساحتها 72 مترا اضافة الى بيت ريفي بناه مع بناته وأزواجهن مما ادخروه طوال حياتهم.
لقد أصبح هذا الرجل يتحدث في جل المجالس نيابة عن الشعب الفلسطيني، ويشرح لكل من يقابلهم أصل المشكلة الفلسطينية، ويبدى تعاطفا عن اقتناع تام مع حق الشعب الفلسطيني بالحرية والخلاص من الاحتلال.
وهو حاصل على درجة دكتور في القانون، وعمل بعد استقالته من الحكومة عميدا لكلية الحقوق في جامعة ماري ال الحكومية.
روابط لفيديوهات ومعالم من هذه الجمهورية:
https://www.youtube.com/watch?v=8sREHFUMjVk
https://vk.com/album63776815_305571592
https://www.youtube.com/watch?v=iV_ukStCMEY
https://www.youtube.com/watch?v=WiYT4LcfxKc
روابط لبعض الفعاليات الثقافية التي أقيمت على ارض هذه الجمهورية لأجل فلسطين:
https://www.youtube.com/watch?v=XOTWl-SolFQ&t=10s
https://www.youtube.com/watch?v=DRfhU5ee2JM
https://www.ippo.ru/news/article/chuvashskoe-otdelenie-ippo-organizovalo-otkrytie-m-412393
https://www.ippo.ru/news/article/chuvashskoe-otdelenie-ippo-vystupilo-organizatorom-410753